في مشهد مستفز ولا يليق بمقام مؤسسة دستورية، شهدت دورة عادية لمجلس جهة كلميم وادنون واقعة غير مسبوقة تمثلت في قيام والي الجهة بـ”نغز” رئيسة المجلس أمام أعضاء المجلس وخلال اجتماع رسمي. الواقعة، التي تناقلتها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لم تكن مجرد حركة عابرة، بل كانت تعبيرًا فجًّا عن منطق التسلط الذي لا يزال البعض يمارسه على المؤسسات المنتخبة، خصوصًا عندما تكون المرأة في موقع القيادة.
ما يزيد من فداحة هذا التصرف هو توقيته، إذ جاء في سياق تخليد بلادنا لليوم العالمي للمرأة، المناسبة التي يُفترض أن نكرّس فيها قيم الاحترام والمساواة، لا أن نعيد إنتاج سلوكيات متجاوزة تعكس ثقافة الهيمنة الذكورية في تدبير الشأن العام. فما معنى أن يُقدم ممثل السلطة التنفيذية على تصرف كهذا تجاه رئيسة مؤسسة منتخبة من قبل الساكنة؟ وأي رسالة تُبعث إلى باقي النساء اللواتي يناضلن من أجل تعزيز حضورهن في المشهد السياسي والمؤسساتي؟
إن هذه الحادثة ليست مجرد تصرف فردي طائش، بل هي مرآة لواقع أعمق، حيث لا تزال بعض العقليات تعجز عن تقبل فكرة أن المرأة قادرة على تدبير الشأن العام بندية وكفاءة. ومن هنا، فإن الصمت عن مثل هذه السلوكيات يرسّخ التطبيع معها، بدل أن يكون جرس إنذار لمساءلة من يعتقدون أن المؤسسات الديمقراطية هي مجرد فضاء لاستعراض السلطة والاستقواء.
المطلوب اليوم ليس فقط الاستنكار، بل اتخاذ موقف واضح من قبل الفاعلين السياسيين والحقوقيين، بل وحتى مؤسسات الدولة، لضمان أن يكون التعامل بين المنتخبين وممثلي السلطة محكومًا بالاحترام المتبادل، لا بمنطق “النغز” وفرض الوصاية بأساليب مستفزة. فإما أن نحترم المؤسسات المنتخبة، أو أن نعترف بأننا لا نزال بعيدين عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية.