مع إسدال الستار على سنة 2024، تبرز جهة كلميم وادنون كواحدة من أكثر المناطق المغربية التي شهدت تداخلًا بين الإنجازات المحدودة والتحديات الكبيرة. ورغم الموقع الاستراتيجي والموارد الغنية، تكشف حصيلة العام عن استمرار معاناة المنطقة من اختلالات عميقة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما يثير تساؤلات حول فعالية التدبير المحلي ونجاعة السياسات التنموية.
المؤسسات الجامعية: حلم مؤجل للشباب
استمر تعثر إخراج المؤسسات الجامعية في الجهة، مما أثر بشكل مباشر على آلاف الشباب الراغبين في متابعة تعليمهم العالي. هذا التأخير يحرم الجهة من استثمار طاقاتها البشرية ويثقل كاهل الأسر التي تتحمل تكاليف انتقال أبنائها إلى مناطق أخرى. غياب بنية جامعية متطورة يسهم في تعميق التفاوتات المجالية ويعرقل مسيرة التنمية.
أزمة البطالة والهجرة غير النظامية: قوارب الموت في الواجهة
شكل تفشي البطالة بين الشباب إحدى أكبر الأزمات التي واجهتها الجهة. ورغم المبادرات الاقتصادية، لم تتمكن السياسات التشغيلية من خلق فرص عمل حقيقية، مما دفع الكثير من الشباب إلى البحث عن أمل ضائع عبر ركوب “قوارب الموت”. هذه الظاهرة أصبحت رمزًا مؤلمًا للفشل في تحقيق التنمية المحلية.
ملف مقالع الرمال: موارد مهدورة
فتح عام 2024 النقاش حول استغلال المقالع الرملية والبحرية، حيث كشفت التقارير عن خروقات قانونية تحرم خزينة طانطان من مبالغ كبيرة. استمرار استغلال هذه المقالع تحت مظلة الريع وغياب المحاسبة يعكس ضعف الحكامة ويعمق شعور الساكنة بالغبن.
الفلاحة والبنية التحتية: معاناة مستمرة
لم يكن القطاع الفلاحي بمنأى عن الأزمات، إذ استمرت تأثيرات الجفاف في تقليص الإنتاج وارتفاع الأسعار. ورغم بعض البرامج الداعمة، فإنها لم تكن كافية. في الوقت نفسه، تظل البنية التحتية في الجهة متواضعة، حيث تعاني الطرق القروية من ضعف الصيانة، مما يزيد من عزلة المناطق.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن ضيعات المنتخبين استفادت من الدعم، مما يثير تساؤلات حول استخدام هذه البرامج لأغراض انتخابية.
تبذير المال العمومي: أزياء صحراوية وهدايا في الصدارة
شهدت سنة 2024 تصاعد مظاهر تبذير المال العمومي في عدد من الجماعات، حيث أنفقت مبالغ طائلة على أزياء وهدايا، بينما تعاني الساكنة من نقص في الخدمات الأساسية. تعكس هذه التصرفات غياب الحكامة الجيدة وسوء ترتيب الأولويات.
وأد المقاولات الصحفية: صوت الجهة المفقود
تواجه المقاولات الصحفية المحلية صعوبات مالية، مما أدى إلى إغلاق بعض المنابر. غياب الإعلام المحلي القوي يسهم في كبت النقاش المجتمعي ويضعف الرقابة على أداء المسؤولين.
مطالب حقوقية في ملف الاتجار بالبشر والتهريب الدولي
نظمت تنسيقية عائلات ضحايا التهريب الدولي للمخدرات والاتجار بالبشر خطوات نضالية للمطالبة بالعفو الملكي، معتبرين أبنائهم ضحايا للفقر والبطالة. كما دعا النشطاء إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الظواهر.
مجلس جهة كلميم وادنون: غربة عن المجال
تظهر المؤسسة المنتخبة كغريبة عن المجال الترابي، وتعتمد على جهات بعيدة للتسويق لفرص التنمية، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الجهود.
نظرة نقدية للحكامة والتنمية
تراكم الأزمات يكشف عن ضعف الحكامة وغياب رؤية شاملة لتطوير الجهة. استمرار تأجيل المشاريع الاستراتيجية يعمق فجوة الثقة بين الساكنة والمسؤولين.
آفاق 2025: هل من أمل؟
رغم التحديات، تظل جهة كلميم وادنون غنية بالإمكانات التي يمكن استثمارها لتحقيق تنمية حقيقية. الأمل معقود على أن يشهد عام 2025 تغييرات جذرية تعيد الثقة للسكان من خلال تحسين التعليم وتقليص البطالة.
ختامًا، إن حصاد 2024 يعكس واقعًا معقدًا يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية تنموية شاملة لتحقيق التنمية المستدامة التي لا تزال الجهة والإقليم في أمس الحاجة إليها.