في واقعة تعكس عمق الاختلالات التي تشهدها البنية التحتية داخل الإدارة الترابية بإقليم طانطان، عرف مقر عمالة الإقليم زوال أمس الثلاثاء 22 يوليوز 2025 حادثاً خطيراً تمثل في تعطل مفاجئ لمصعد الموظفين، مما أسفر عن احتجاز أربعة أشخاص داخله لمدة قاربت الساعتين، وسط حالة من الذعر والاختناق استدعت تدخلاً عاجلاً لعناصر الوقاية المدنية.
وبحسب مصادر محلية، فإن الحادث وقع في ظروف وصفت بالكارثية، حيث عجز الموظفون العالقون داخل المصعد عن التواصل مع الخارج في البداية، قبل أن يتم إشعار السلطات المختصة التي استنفرت عناصر الإنقاذ من أجل إخراجهم في وضع صحي متدهور بسبب غياب التهوية وارتفاع درجات الحرارة.
الحادثة، التي كادت أن تتحول إلى مأساة، أعادت إلى الواجهة ما وصفه متابعون بفضيحة الفساد البنيوي الذي يطبع مشاريع التهيئة داخل مقر العمالة، الذي شهد في السنوات الأخيرة صرف اعتمادات مالية ضخمة من المال العام على بنايات وصفت بـ”العشوائية”، دون احترام معايير الجودة والسلامة. مصادر مطلعة تشير إلى أن نفس المكان عرف صرف ميزانيات ضخمة في تجهيزات وإصلاحات لم يظهر لها أي أثر على أرض الواقع، وهو ما يطرح تساؤلات كبرى حول نجاعة مراقبة وتتبع الصفقات العمومية بالإقليم.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه الجهات الرسمية الصمت حيال ما جرى، يرتقب أن تفتح وزارة الداخلية تحقيقاً في الموضوع، خاصة في ظل تنامي شكاوى مواطنين وموظفين من رداءة البنية التحتية وتفاقم مظاهر سوء التسيير الإداري داخل عمالة طانطان، التي باتت توصف بـ”بؤرة الفساد الهادئ”.
وتطالب فعاليات مدنية وحقوقية بتدخل حازم من وزارة الداخلية لوضع حد لما وصفوه بـ”نزيف المال العام”، وربط المسؤولية بالمحاسبة تجاه المسؤولين عن هذه الأعطاب التقنية والانهيارات المتكررة في تجهيزات يفترض أنها حديثة البناء.
الحادث يكشف مرة أخرى الحاجة الملحة إلى إعادة تقييم شاملة للبنية الإدارية بالإقليم، وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة والمساءلة الفعلية، قبل أن تتكرر مآسٍ مماثلة قد تكون أكثر كلفة في الأرواح والمال العام.


