في ظل النقاش المتزايد حول تدبير المال العام والشفافية المالية، يبرز ملف ميزانية المجلس الإقليمي لآسا الزاك كنموذج يثير العديد من التساؤلات حول أوجه صرف الاعتمادات المالية ومدى توافقها مع الحاجيات الفعلية للساكنة.
تشير المعطيات المتوفرة إلى أن بعض بنود الميزانية المعتمدة من طرف المجلس الإقليمي تحمل أرقامًا ضخمة، تستدعي الوقوف عندها وتحليل مدى ضرورتها وجدواها. ومن بين هذه النفقات نجد تخصيص 4 ملايين درهم للأعوان العرضيين (دون الحصة الإضافية)، ومليون درهم للتغذية، و200 ألف درهم لمواد التطهير مثل “الجافيل”، إلى جانب 3 ملايين درهم لحظيرة السيارات.
أمام هذه الأرقام، يطرح المواطنون والمتابعون للشأن المحلي تساؤلات ملحة حول المعايير التي تم اعتمادها لتحديد هذه الميزانيات، ومدى التزام المجلس بمبدأ ترشيد النفقات، خاصة في ظل وجود قطاعات أكثر أولوية تحتاج إلى دعم مالي لتعزيز الخدمات الأساسية للساكنة.
وتزايدت المطالب بضرورة الكشف عن لوائح الأعوان العرضيين الذين يستفيدون من هذه الميزانية، وفتح المجال أمام المراقبة والتدقيق في النفقات المتعلقة بالتغذية وحظيرة السيارات. فالساكنة من حقها أن تعرف كيف تُصرف هذه الأموال، ومن المستفيد منها، خاصة في ظل تراجع الخدمات الأساسية في الإقليم.
وفي هذا السياق، يطالب المنتخبون المطالبون بالإصلاح بضرورة إخضاع هذه النفقات للمحاسبة وفق القوانين المنظمة للمالية العمومية، وعلى رأسها القانون التنظيمي للجماعات الترابية، الذي يؤكد على مبادئ الحكامة الجيدة والشفافية المالية.
إن عدم وضوح التسيير وغياب التفاصيل حول هذه النفقات يعزز من انطباع لدى الرأي العام بأن هناك خللاً في الحكامة، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لتوضيح الحقائق وتبرير هذه الأرقام الكبيرة.
إن المال العام ليس ملكية خاصة، بل هو أمانة يجب أن تُصرف وفق منطق يخدم المصلحة العامة، لا أن يتحول إلى وسيلة للامتيازات والريع السياسي. وعليه، فإن المرحلة المقبلة تفرض على الجهات المعنية، من سلطات رقابية ومؤسسات منتخبة، التدخل لضمان احترام القوانين المنظمة للمالية العمومية، والتأكد من أن كل درهم يتم صرفه يحقق أثرًا إيجابيًا في تحسين واقع الساكنة. فهل سيتم فتح تحقيق جدي في هذه النفقات؟ وهل سيتحمل المجلس الإقليمي مسؤوليته في تقديم توضيحات للرأي العام؟ أم أن الأمور ستستمر وفق نفس النهج، دون حسيب أو رقيب؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تبقى مرهونة بمدى جدية الجهات المسؤولة في التصدي لما يُثار حول هذا الملف، واستعادة ثقة المواطن في تدبير الشأن العام.