في تطور قضائي يعزز مبدأ احترام المؤسسات القانونية وضمان حقوق المنتخبين، أصدرت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش حكمًا نهائيًا يقضي بإلغاء قرار المحكمة الإدارية بأكادير، الذي كان قد أقر بإقالة المستشار الإقليمي إسماعيل أزيل من عضوية المجلس الإقليمي لآسا الزاك، بناءً على مزاعم تغيبه عن خمس دورات متتالية.
هذا القرار الاستئنافي لم يأتِ فقط ليؤكد سلامة موقف المستشار أزيل من الناحية القانونية، بل سلط الضوء أيضًا على أهمية التزام الجهات المختصة بالإجراءات القانونية السليمة في مثل هذه القضايا. فقد استند المستشار في طعنه إلى غياب التبليغ القانوني السليم، مشيرًا إلى أن النظام الداخلي للمجلس لا يعتمد سوى البريد الإلكتروني كوسيلة رسمية للتبليغ، وهو ما احترمه بالكامل، حيث لم يتوصل إلا باستدعاء واحد بتاريخ 27 يونيو 2023، وأرفق ردّه عليه بإشعار طبي موثق. ورغم ذلك، لم يُبيّن الحكم الابتدائي الأساس الدقيق الذي اعتمده لاستخلاص استيفاء شروط التبليغ.
لكن التحدي الأكبر اليوم لا يكمن فقط في صدور هذا الحكم النهائي، بل في مدى امتثال الجهات المعنية لتنفيذه، في ظل سوابق من التعثر في تنفيذ أحكام قضائية سابقة لصالح المستشار أزيل. وهذا يطرح تساؤلات جدية حول دور السلطات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، في ضمان احترام أحكام القضاء الإداري، باعتبار أن أي تماطل أو رفض للتنفيذ لا يمس فقط بحقوق الأفراد المعنيين، بل يهدد أيضًا مصداقية المؤسسات المنتخبة وشرعية العملية الديمقراطية ككل.
ويمثل هذا الحكم أيضًا رسالة سياسية واضحة مفادها أن القضاء الإداري المغربي مستمر في حماية حقوق المنتخبين من أي قرارات لا تستند إلى أسس قانونية متينة، وهو ما يعزز ثقة الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني في استقلالية القضاء وقدرته على التصدي لأي محاولات توظيف للقانون في تصفية الحسابات السياسية. كما أن موقف المستشار إسماعيل أزيل يعكس إصرارًا على التمسك بالشرعية القانونية والمؤسساتية، بما ينسجم مع المبادئ الديمقراطية التي يقوم عليها النظام الدستوري المغربي.
ومع هذا الانتصار القانوني، تتجه الأنظار الآن إلى الجهات التنفيذية، حيث يطالب المتتبعون للشأن المحلي والإقليمي بضرورة التنفيذ الفوري للحكم، احترامًا لمبدأ المشروعية وضمانًا لحقوق المنتخبين. كما أن هذا القرار من شأنه أن يفتح نقاشًا واسعًا حول ضرورة مراجعة بعض الثغرات القانونية المتعلقة بتبليغ أعضاء المجالس المنتخبة، تفاديًا لأي تأويلات قد تؤدي إلى قرارات غير عادلة أو غير مستندة إلى أسس قانونية رصينة.
وفي انتظار تطورات تنفيذ هذا الحكم، يبقى الرهان الأساسي هو ترسيخ مبدأ استقلالية القضاء وتعزيز احترام أحكامه، باعتبار ذلك أحد الأعمدة الأساسية لدولة الحق والقانون، وضمانًا لعدم استغلال القوانين في تحقيق مكاسب سياسية ضيقة على حساب إرادة الناخبين ومصداقية المؤسسات المنتخبة.