يعيش المجلس الجماعي لطانطان على وقع أزمة سياسية حادة، بعدما تسبب بعض الأعضاء في إفشال انعقاد دوراته للمرة الثانية على التوالي بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. هذا التعطيل لم يأتِ من فراغ، بل يعكس حالة من التخبط والتجاذبات السياسية التي أضرت بمصالح الساكنة وأخّرت مشاريع تنموية تنتظرها المدينة بفارغ الصبر.
أولى ملامح هذا الانسداد تتجلى في غياب رؤية واضحة للمجلس بخصوص القضايا الحيوية، حيث لم يُدرج في جدول أعماله مشاريع ذات قيمة مضافة، بل اكتفى بعقد اجتماعات للجان وهيئات شكلية لا تسهم في تحسين واقع المدينة. ووسط هذا الجمود، يبقى قطاع البيئة وتحسين جاذبية طانطان في طي النسيان، فيما كانت النظافة المشهودة في واد بن خليل ثمرة تدخل مباشر من عامل الإقليم عبد الله الشاطر وليس نتيجة لمجهود المجلس الجماعي.
أما المقاطعون للدورات، فهم خليط غير متجانس سياسيًا، بينهم من يناور لتحقيق مكاسب شخصية، وبين من يلعب على الحبلين، بينما يواصل المجلس تخصيص ميزانيات ضخمة لأمور ثانوية، مثل 30 مليون سنتيم لجائزة الصحافة، في وقت تعاني فيه المدينة من مشاكل بنيوية في البنية التحتية والتنمية والخدمات الأساسية.
وفي الوقت الذي يلتزم فيه المجلس الصمت حيال هذه الفوضى، طرح أحد المستشارين البرلمانيين أسئلة داخل قبة البرلمان حول التلوث الصناعي الخانق الذي يحاصر طانطان ويحوّل الآلاف من سكانها إلى رهائن للوبي المصانع، حيث تتهرب هذه الأخيرة من التزاماتها البيئية والصحية. غير أن هذه الخطوة جاءت متأخرة، واعتبرها البعض هجومًا سياسياً موجهاً لحزب رئيس الحكومة، وحزب علي يعتة، في حين يتهم آخرون حزبًا آخر بالوقوف وراء هذا “البلوكاج” لتحقيق مصالح ضيقة.
وسط كل هذا، يبقى رئيس المجلس لحبيب الومان في موقف حرج، بعدما قدم تنازلات كبيرة منذ بداية ولايته، وهو ما أفقده القدرة على فرض سلطة جماعية قوية ومستقلة. واليوم، ينتظر المتابعون خطوة حاسمة، ربما عبر عقد ندوة صحفية لكشف خبايا ما يجري في كواليس المجلس، خصوصًا أن استمرار هذا الجمود يُكرّس واقعًا يُهدد مستقبل المدينة.
رغم ما سبق، هنالك سؤال كبير يطرح نفسه بقوة، هل سيأتي التغيير من الداخل أم أن الحل سيكون بضغط من خارج المجلس؟ في طانطان، المدينة التي دخلت التاريخ لكنها خرجت من الجغرافيا، كل السيناريوهات تبقى مفتوحة.