في مشهد يبدو كأنه مقتبس من سيناريو كوميدي، لكن بميزانية فساد حقيقية، استطاع عامل إقليم طانطان، عبد الله الشاطر، الإيقاع بأحد “الأشباح”، وهو عامل إنعاش وطني، لكن ليس لإنعاش الطرق أو الحدائق، بل لإنعاش جيبه الخاص عبر التسول والابتزاز في دورة مجلس جهة كلميم وادنون! والأدهى أن الفاعل لم يكتفِ بالتسلل إلى أروقة المجلس، بل مارس نشاطه بكل ثقة، وكأنه يؤدي وظيفة رسمية في قسم “الابتزاز المؤسساتي”.
لم تكن الواقعة بحاجة إلى حبكة درامية معقدة، فالصور والتسجيلات الصوتية لعبت دور البطولة في فضح شبكة فساد تستغل ضعف تواصل المنتخبين مع الإعلام، ليجد هذا “الشبح” مساحة حرة لاصطياد أصحاب القرارات المرتعشة. المشكلة ليست فقط في تواجده غير القانوني، بل في جرأته غير المحدودة، إذ قرر فجأة استدعاء مفوض قضائي لمعاينة منعه من الدخول كـ”صحفي”، رغم أن أقرب علاقة له بالصحافة هي تعليقاته الركيكة في فيسبوك واعتماده المزيف، الذي يغيره كما يغير تصريحاته.
وفي فصل آخر من هذه المسرحية العبثية، يبدو أن “الشبح” لم يكتفِ بالتسول داخل قاعات المجالس، بل تمدد نشاطه إلى مجال “ريادة الأعمال”، عبر مشروع دجاج أسطوري تم تمويله تحت الطاولة، بينما كان سكان طانطان ينتظرون مشاريع تنموية حقيقية. المثير للسخرية أن هذا المشروع لا يبعد سوى 400 متر عن مكتب العمالة، وكأن الدجاجات وحدها تملك شجاعة التحقيق في مصير أموال الدعم!
ومع تسارع الأحداث، كشفت تسجيلات صوتية أن “الشبح” لم يكن مجرد ممثل في مسرحية فساد، بل لاعبًا رئيسيًا في شبكة ابتزاز واتجار بالبشر، حيث أصبح تسول كبش العيد جزءًا من تقاليد “البطاقة الوطنية للإنعاش”. وبينما يحاول عامل الإقليم فك خيوط هذه القضية، تتزايد الأسئلة عن السبب الحقيقي الذي يجعل من طانطان “النقطة السوداء” في الجهة، ولماذا تغيب هذه الظواهر عن مدن أخرى؟
وسط هذه الفوضى، ينتظر الجميع خطوة عامل الإقليم التالية، فهل سيكون زلزالًا إداريًا يعيد الأمور إلى نصابها، أم أن الأشباح ستعود مجددًا في موسم جديد من مسلسل الفساد المحلي؟