انعقدت الدورة الاستثنائية لمجموعة جماعات واد نون للتوزيع بهدف المصادقة على مشروع النظام الداخلي للمجلس، في خطوة تُعد أساسية لتنظيم العمل الجماعي وضمان انسيابية تدبير شؤون الجماعات المنضوية تحت المجموعة. لكن خلف هذا المشهد الذي يبدو إيجابيًا على السطح، تبرز تساؤلات جوهرية حول مدى جدية هذه الخطوات في تحقيق تغييرات حقيقية تخدم الساكنة وتلبي احتياجاتهم الملحة.
رغم أهمية النظام الداخلي كوثيقة قانونية تؤطر عمل المجلس وتحدد مسؤولياته، إلا أن مجرد المصادقة عليه لا يعني بالضرورة تجاوز المشكلات الهيكلية التي تعاني منها المنطقة. الخطابات التي رافقت الدورة ركزت على الشفافية والحكامة، لكن الواقع يعكس تحديات عميقة تتطلب أكثر من مجرد صياغة نصوص قانونية. فالتحديات التنموية التي تواجهها جماعات واد نون تتطلب رؤية استراتيجية واضحة وخطة تنفيذية تترجم هذه النصوص إلى أفعال ملموسة.
من جهة أخرى، يثار التساؤل حول جدوى النقاشات التي جرت خلال الدورة، والتي بدت في كثير من الأحيان شكلية أكثر منها جوهرية. فرغم أهمية المداخلات التي قدمها بعض الأعضاء، إلا أن التركيز على التفاصيل الإجرائية للنظام الداخلي قد يغفل القضايا الأكثر إلحاحًا، مثل تحسين البنية التحتية، ضمان توزيع عادل وفعال للموارد، وتعزيز دور المجموعة في تحقيق تنمية شاملة.
الأهم من ذلك، يظل التصويت بالإجماع على النظام الداخلي موضع تساؤل. هل يعكس هذا الإجماع توافقًا حقيقيًا حول أهداف تنموية واضحة، أم أنه مجرد إجراء بروتوكولي لا يحمل في طياته أي التزام فعلي بتحقيق الإصلاح المطلوب؟ الإجماع وحده لا يكفي إذا لم يكن مدعومًا بآليات متابعة وتنفيذ صارمة، وهو ما لم تتطرق إليه الدورة بشكل كافٍ.
إن الحديث عن الحكامة والشفافية يجب أن يترافق مع إجراءات فعلية لمكافحة الممارسات البيروقراطية التي تعيق التنمية، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ المشاريع التي تحتاجها الجماعات. النظام الداخلي، رغم أهميته، يظل أداة شكلية إذا لم يتم توجيهه نحو خدمة أهداف واضحة ومحددة.
عموما، يبقى انعقاد هذه الدورة خطوة في الاتجاه الصحيح من الناحية النظرية، لكنها لن تكون كافية ما لم تُترجم إلى تغيير ملموس في حياة المواطنين. المطلوب الآن هو الانتقال من مرحلة الحديث عن القوانين والإجراءات إلى مرحلة التطبيق الفعلي الذي يُحدث فرقًا حقيقيًا. بدون هذا الانتقال، ستظل مثل هذه الدورات مجرد مناسبات للاستهلاك السياسي، بعيدة كل البعد عن جوهر العمل التنموي المطلوب.