في مبادرة وُصفت بالمحورية نحو تحقيق العدالة المناخية والتحول المستدام للطاقة، شهدت العاصمة الأردنية عمّان اليوم اجتماعاً إقليمياً رفيع المستوى بعنوان “نحو مستقبل عادل للطاقة”، جمع ممثلين عن منظمات بيئية وخبراء وصنّاع قرار من مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحت رعاية وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني الدكتور صالح الخرابشة.
الاجتماع، الذي نظمته منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالشراكة مع شبكة العدالة في إدارة الموارد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمركز الإقليمي لعدالة الطاقة والمناخ التابع لمؤسسة فريدريتش إيبرت، أعلن عن خارطة طريق إقليمية وميثاق “الملوِّث يدفع”، في مسعى لتوحيد الجهود نحو انتقالٍ عادلٍ للطاقة يضع الإنسان والمجتمعات المحلية في صميم التحول الاقتصادي والبيئي.
دعوة إلى تحميل الشركات الملوِّثة مسؤوليتها
الميثاق الجديد، الذي حمل اسم “الملوِّث يدفع”، يطالب شركات الوقود الأحفوري بتحمل تبعات الأضرار المناخية التي تسببت بها، من خلال فرض ضرائب وغرامات جديدة لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة ودعم المجتمعات المتضررة من الظواهر المناخية المتطرفة. وتؤكد المنظمات المشاركة أن هذه الخطوة ضرورية لضمان تمويل الانتقال العادل للطاقة وتخفيف العبء عن الفئات الأكثر هشاشة.
خارطة طريق للتحول الطاقي
أما خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها، فتقدّم أول رؤية إقليمية مشتركة لسياسات انتقال الطاقة، تم إعدادها بشكل تشاركي بين مؤسسات المجتمع المدني وخبراء الطاقة من مختلف دول المنطقة. وتركّز على تحقيق تحول اقتصادي عادل قادر على خلق ملايين فرص العمل، وتوسيع نطاق الوصول إلى الطاقة النظيفة والميسورة، وتنويع الاقتصادات بعيداً عن الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري الذي يشكّل أكثر من 95% من استهلاك الطاقة الإقليمي.
تصريحات رسمية تؤكد التوجه نحو الإصلاح
وزير الطاقة الأردني الدكتور صالح الخرابشة شدّد في كلمته على أهمية التعاون الإقليمي لمواجهة تحديات التغير المناخي، مشيراً إلى أن وزارة الطاقة تعمل على تحديث استراتيجيتها للفترة 2025–2035 بهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة وتعزيز استقرار الشبكة الكهربائية.
من جانبها، قالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن الانتقال العادل للطاقة لا يعني فقط استبدال النفط بالشمس والرياح، بل هو “إعادة تصور لدور الطاقة في بناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة، يضع الإنسان في قلب التغيير”.
بدوره، أوضح الدكتور بيار سعادة، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شبكة العدالة في إدارة الموارد، أن خارطة الطريق الجديدة “تضع أولويات واضحة للحكومات من أجل تنويع الاقتصادات وحماية المجتمعات”، بينما أكدت استرد بِكر، مديرة المركز الإقليمي لعدالة الطاقة والمناخ، على مبدأ “عدم ترك أحد خلف الركب” كقيمة أساسية في أي تحول نحو اقتصاد خالٍ من الكربون.
محطة مفصلية في مسار العدالة المناخية
ويُعد إطلاق خارطة الطريق وميثاق “الملوِّث يدفع” لحظة مفصلية في مسار العدالة المناخية بالمنطقة، حيث يجمعان بين مواجهة أزمة المناخ وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، في رؤية تستند إلى انتقال طاقوي مرتكز على المجتمعات، وقادر على فتح آفاق جديدة للتنمية وخلق فرص العمل وتوسيع الوصول إلى الطاقة النظيفة للجميع.


