شهدت مدينة أكادير، أمس الأحد 14 شتنبر، احتجاجات واسعة أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني، المعروف محليًا بـ”مستشفى الموت”، على خلفية تزايد حالات الوفيات الغامضة وتدهور الخدمات الصحية وغياب التجهيزات الأساسية. ورفع المحتجون شعارات قوية مثل: “الشعب يريد إسقاط الفساد” و”هذا عيب هذا عار.. مقبرة أم سبيطار”، مطالبين بإنقاذ الأرواح وتحسين الأطر الطبية والمعدات، خاصة في ظل توالي وفيات النساء الحوامل في قسم الولادة.
احتجاجات ذات بعد سياسي واجتماعي
تأتي هذه التحركات الشعبية في سياق اجتماعي متوتر منذ أسبوعين بالمدينة، التي يرأس مجلسها الجماعي رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ما يضفي على الوضع بعدًا سياسيًا إضافيًا. ووصف مراقبون استمرار الأزمة الصحية بالكارثي، معتبرين أنها تضع الحكومة في موقف حرج أمام الرأي العام المحلي والوطني. كما شهدت الوقفة استنفارًا أمنيًا مكثفًا وتدخلات لتفريق المحتجين، الذين أكدوا أن “الوضع لم يعد يُحتمل”.
تحذيرات منظمات حقوقية وأسئلة برلمانية
كانت منظمات حقوقية، من بينها الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والدفاع عن الوحدة الترابية، قد حذرت منذ مطلع الشهر الجاري من أن المستشفى يعاني ضغطًا يفوق طاقته الاستيعابية، مسجلة وفاة 6 نساء حوامل خلال أسابيع قليلة. كما وجه النائب البرلماني خالد الشناق سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة حول هذه “الأوضاع المأساوية” التي تهدد حياة المرضى وتنتهك كرامتهم.
توضيحات المديرة الجهوية للصحة
عشية الاحتجاجات، عقدت المديرة الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية، بمياء شاكري، ندوة صحافية، قدمت خلالها التعازي لأسر الضحايا، وأكدت أن المستشفى يستقبل حالات من خارج جهة سوس ماسة، ما يضاعف الضغط على بنياته. وأعلنت عن تكليف لجنة مركزية لدراسة أسباب الوفيات، متعهدة بالكشف عن النتائج قريبًا، مع عرض إحصائيات تظهر حجم الضغط على المستشفى: أكثر من 33 ألف حالة مستعجلات، 1760 عملية جراحية، و3000 ولادة منها 668 قيصرية خلال النصف الأول من 2025 فقط.
الشارع يرفض الوعود ويطالب بالإصلاح الجذري
رغم هذه التوضيحات، لم يُقنع الشارع ولا الفاعلين الحقوقيين، الذين وصفوا الوضع بـ”الكارثي”، مؤكدين أن المطلوب هو إصلاح جذري للقطاع الصحي، مع تعزيز الموارد البشرية والتجهيزات وتأهيل المرافق. كما دعوا إلى فتح تحقيق قضائي شفاف ومسؤول حول وفيات النساء الحوامل، معتبرين أن استمرار هذه المأساة يمس حق المواطنين في الحياة والعلاج.
مستقبل الاحتجاجات
يرى مراقبون أن الغليان الشعبي أمام مستشفى الحسن الثاني قد يكون مقدمة لاحتجاجات أوسع بالمدينة وجهة سوس ماسة، في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بشأن ضعف الخدمات الاجتماعية وغياب الاستجابة لمطالب السكان، ما ينذر بمزيد من التوتر الاجتماعي والسياسي في المرحلة المقبلة.


