أعلنت عدة عائلات صحراوية بشاطئ الوطية بإقليم طانطان عن قرارها مقاطعة موسم طانطان في نسخته المقبلة، ورفض نصب خيامها التقليدية لاستقبال الوفود الرسمية، وذلك احتجاجًا على قرار المنع العاملي الذي حرم الساكنة من التخييم والتمتع بحقهم الطبيعي في الاصطياف.
العائلات الغاضبة أكدت أنّ هذا القرار يكشف مفارقة عجيبة؛ ففي الوقت الذي تُنصب فيه الخيام بساحة السلم والتسامح لتأثيث مشهد رسمي مليء بالصور والهدايا، يُمنع المواطن البسيط من خيمته على الشاطئ لقضاء عطلة أسرية وسط حرارة الصيف. وهو ما أثار تساؤلات واسعة حول جدوى وجود بعض الأعيان والمنتخبين الذين يكتفون بالتملق للسلطة الإقليمية تحت خيام الموسم، دون أن يفلحوا في الدفاع عن حقوق الساكنة في أبسط مطالبها.
خلال اجتماع موسع عُقد أمس الجمعة بشاطئ الوطية، شددت العائلات من مختلف القبائل الصحراوية على أن ما يجري يفضح حقيقة شبكة من المنتخبين غير الشرعيين، ومعهم أعوان نفوذ يتغذون على المال العام باسم التنمية، بينما يتركون الساكنة تواجه الحرمان والتهميش. واعتبرت أن قضية الشاب الزين ميصارة، وما رافقها من تضامن واسع في السمارة وطانطان، عرّت واقع الإقصاء الممنهج وفضحت مظاهر الفساد الوظيفي المستشري.
ويرى مراقبون أن نجاح مقاطعة مهرجاني الوطية وطانطان شعبيًا وإعلاميًا يعكس بروز وعي جماهيري جديد، يطالب بإلغاء مهرجانات “لا تخدم إلا الواجهة”، والقطع مع سياسة الاستعراض، والاتجاه نحو مشاريع تنموية حقيقية تضمن العلاج، وفرص الشغل، والحق في الاصطياف والعيش الكريم، مع ضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لإعادة هيبة المؤسسات.
وفي خضم هذا الغضب الشعبي، تتناسل الأسئلة الحارقة، كيف تُجمع الخيام في موسم طانطان الرسمي، وتُمنع في موسم الاصطياف؟، كيف تنعم السلطة الإقليمية بإقامة صيفية على شاطئ الوطية، بينما يُقصى المواطن من بحره وخيمته؟، وكيف تُغلق أبواب العمالة في وجوه المواطنين، في حين تُفتح على مصراعيها للصور التذكارية والهدايا أثناء الموسم؟
هي أسئلة تختزل أزمة ثقة حقيقية بين الساكنة وسلطاتها المحلية، وتضع علامات استفهام كبرى حول مستقبل المشهد السياسي في أفق الانتخابات القادمة، في ظل تراجع أداء الإدارة الترابية وفشلها في التجاوب مع انتظارات المواطنين.


