في مدينة طانطان، تتواصل فصول الجدل حول موسمها الثقافي السنوي، بعد أن طفت إلى السطح معطيات مثيرة بشأن صفقة النقل الخاصة بالتظاهرة، والتي قُدرت قيمتها بما يفوق 390 مليون سنتيم في كل نسخة، وفق ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الصفقة التي وُصفت بـ”الدسمة” باتت تنافس في حجمها وطبيعة تدبيرها صفقات رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، الأمر الذي أثار موجة استياء في الأوساط المحلية.
الهيئة المنظمة للموسم، التي تؤكد اشتغالها على “مأسسة” التظاهرة، لا تمتلك مقراً رسمياً بمدينة ساحة السلم والتسامح، ولا تملك سيارات خاصة بها، مما يضع علامات استفهام حول مدى التزامها بشفافية التسيير واستدامة المشروع الثقافي. وبدلاً من بناء مقومات مؤسساتية حقيقية، تعتمد الجهة المنظمة على خدمات الكراء في صفقات وصفها فاعلون محليون بأنها بوابة لتبديد المال العام تحت غطاء ثقافي.
ووسط هذا الغموض، تغيب الرقابة المؤسسية، حيث لم تُنظم أي ندوة صحفية لتقديم التقرير المالي للموسم، ولم يتم الكشف عن تفاصيل الشركات الفائزة بالصفقات، ما يفتح الباب أمام تأويلات متعددة، خصوصاً في ظل ربط أسماء معينة معلومة بنفس الانشطة و الصفقات و التوريدات في محاكاة بـ”شعر التبراع” كمكون تراثي محلي يُستخدم هذا الوصف الساخر كاستعارة على احتكار صفقات مشبوهة.
موجة الانتقادات لم تتوقف عند حدود غياب الشفافية، بل امتدت لتشمل الأداء العام للموسم الذي وصفه كثيرون بـ”الفاشل” على المستويات الدبلوماسية والتنموية والروحية. وذهب بعض المتابعين إلى القول إن المؤسسة لو خصصت كل صفقة نقل لاقتناء سيارة إسعاف واحدة، لكان لذلك أثر ملموس في تحسين الخدمات الصحية بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني.
هذا النزيف المالي، الذي بات حديث السكان سواء من الحاضرين أو المقاطعين، يُنظر إليه كأحد أبرز تمظهرات العبث بالمال العام، حيث أكد أحد قدماء المحاربين أن مثل هذه الممارسات لا تستحق الرعاية السامية ولا كل هذا الجهد الإداري والأمني المصاحب لها.
نسخة هذا العام، التي حملت في طياتها وعوداً بالإصلاح ومحاربة الفساد، سقط عنها القناع سريعاً حسب تعبير عدد من أبناء المدينة، الذين عبروا عن استيائهم مما وصفوه بـ”الميولات الانتخابية والخطط الخبيثة” التي تهدف لإعادة إنتاج نفس الخرائط السياسية القديمة بأساليب وصفوها بـ”السلكوطية”، في تجاهل تام لتطلعات ساكنة ظلت لعقود تنشد التغيير.


