في خطوة تصعيدية جديدة، عبّر رؤساء الفروع الجهوية للفيدرالية المغربية لناشري الصحف عن رفضهم القاطع لمشروع الدعم الجهوي الذي تقترحه وزارة التواصل، معتبرين أنه مستفز، تراجعي، ومخيب للآمال. جاء ذلك خلال اجتماع تشاوري عقد يوم 24 فبراير 2025، بحضور رئيس الفيدرالية وأعضاء من مكتبها التنفيذي، لمناقشة التطورات الأخيرة المتعلقة بمنظومة الدعم العمومي للصحافة والنشر، وخاصة ما وصفته الوزارة بـ”اتفاقية شراكة من أجل دعم الصحافة الجهوية” مع مجالس الجهات، والتي اعتُبرت خطوة انفرادية تتجاهل التنظيمات المهنية للقطاع.
وانتقد المجتمعون استمرار الوزارة في اتخاذ قرارات أحادية دون استشارة الفيدرالية، رغم أنها الهيئة المهنية الوحيدة التي تضم فروعًا في جميع جهات المملكة، وتمثل غالبية مقاولات الصحافة الجهوية. واعتبروا أن هذه الخطوة تتعارض مع مبدأ المقاربة التشاركية المنصوص عليه دستوريًا، وتعكس تهميشًا واضحًا لدور الفيدرالية في بلورة سياسات الدعم العمومي. كما أشاروا إلى الغموض الكبير الذي يكتنف مضمون الاتفاقية المطروحة، مما أدى إلى تردد العديد من المجالس الجهوية في اتخاذ قرار بشأنها، خوفًا من انعكاساتها السلبية على المشهد الإعلامي المحلي.
وشدد رؤساء الفروع الجهوية على أن المشروع الحالي يكشف عن تخلي الوزارة عن مسؤولياتها تجاه الصحافة الجهوية، حيث يتضمن مقترحات دعم مالي هزيلة، تقل حتى عن المبالغ الجزافية التي كانت تستفيد منها بعض المقاولات الصحفية سابقًا، مما يهدد استمرارية هذه المؤسسات ويقوض دورها التنموي. كما انتقدوا ربط الاستفادة من الدعم بضرورة التسويق للجهات، ما يحوّل الصحافة الجهوية إلى مجرد أداة دعاية، ويعرّضها لضغوط سياسية وانتخابية تتنافى مع مبادئ حرية الصحافة واستقلاليتها.
كما استحضر الاجتماع تدخل الوزير الوصي سابقًا لمنع تنفيذ اتفاقيات شراكة بين الفيدرالية وبعض المجالس الجهوية، بحجج وُصفت بأنها “بيروقراطية وغير مقنعة”، ليعود اليوم ويقترح مشروعًا مشابهًا لكنه مليء بالشروط التعجيزية، ما اعتبره الناشرون استغلالًا لأفكار الفيدرالية بطريقة غير منصفة.
وفي سياق آخر، ندد رؤساء الفروع الجهوية بالإجراءات البيروقراطية التي تفرضها اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة فيما يتعلق بتجديد البطاقة المهنية، حيث تحدثوا عن عراقيل غير قانونية، مثل فرض وثائق جبائية لا ينص عليها القانون، مما يضيف أعباء إضافية على المقاولات الصحفية ويعيق استمراريتها.
وأمام هذه التطورات، دعا الناشرون مجالس الجهات إلى عدم التسرع في قبول هذا المشروع، والضغط على الحكومة لتحمل مسؤولياتها الكاملة تجاه الصحافة الجهوية، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الإعلامية الوطنية. كما طالبوا بإنشاء آليات مؤسساتية واضحة لدعم هذه المقاولات، بما يضمن استقرارها المالي وحماية مناصب الشغل التي توفرها.
وأكد المجتمعون أن استمرار الوزارة في تجاهل الفيدرالية وإقصائها من أي حوار جاد، يُفقد قراراتها الشرعية، ويجعلها غير قادرة على تقديم حلول حقيقية للأزمة التي يعيشها قطاع الصحافة. واختتموا بيانهم بمطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لتصحيح هذا المسار، وإعداد انتخابات مجلس وطني شرعي للصحافة وفقًا للقوانين الجاري بها العمل، بعيدًا عن أي تدخلات قد تضر بمستقبل القطاع.


