وصلت ديون المؤسسات والمقاولات العمومية إلى 186 مليار درهم، فيما تتحمل ست مؤسسات فقط، وعلى رأسها المكتب الوطني للكهرباء والماء، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والطرق السيارة، أكثر من 92% من هذا العبء المالي الضخم. هذه الديون، التي ستسددها الأجيال القادمة مع فوائدها، تزداد ثقلاً على كاهل المواطنين، بينما تستمر الحكومة في تجاهل التحذيرات المتتالية، منشغلة بصراعاتها الداخلية وحساباتها السياسية.
في ظل حكومة عزيز أخنوش، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وارتفعت معدلات البطالة، في الوقت الذي استفادت فيه لوبيات المصالح من قرارات تخدم فئات محددة على حساب المواطنين البسطاء. تضارب المصالح أصبح عنوانًا بارزًا لهذه الحكومة، حيث يتربع رجال أعمال كبار، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نفسه، على مناصب المسؤولية، متحكمين في مفاصل الاقتصاد وموجهين القرارات لصالح شركاتهم. قطاع المحروقات، الذي شهد ارتفاعًا مهولًا في الأسعار، يُعد المثال الأبرز على ذلك، حيث استفادت شركات معينة من الأزمة، فيما ظل المواطن يدفع ثمن المضاربات والاحتكار.
المجلس الأعلى للحسابات كشف مرارًا عن اختلالات جسيمة في تدبير المؤسسات العمومية، لكن لا شيء تغير، بل استمرت نفس السياسات التي تغرق البلاد في مزيد من الديون. وزراء الحكومة، الذين يدافعون عن سياساتهم، لم يقدموا حلولًا حقيقية للأزمة الاقتصادية، بينما تتزايد أعداد العاطلين عن العمل، وتتآكل القدرة الشرائية، في ظل الغلاء الفاحش الذي أصبح يلتهم جيوب المغاربة.
المفارقة أن الحكومة، بدل التركيز على الإصلاحات العاجلة، تنشغل اليوم بضمان حصصها في “حكومة المونديال”، بينما المواطن البسيط لم يعد يطالب سوى بإلغاء شعيرة عيد الأضحى، بعدما صار شراء الأضحية حلماً بعيد المنال. ومع استمرار مسلسل الاقتراض الخارجي، الذي جعل المغرب رهينة لسياسات المؤسسات المالية الدولية، لم يعد أمام المواطنين سوى التضرع بالدعاء قائلين: “الله يستر وصافي…”