في تحقيق ميداني نشرته صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية هذا الأسبوع، كشفت الصحيفة عن جانب مقلق من استعدادات المغرب لاحتضان كأس العالم 2030، وصفته بـ”الوجه الخفي” لورش التهيئة التي تشهدها عدة مدن مغربية. ركز التحقيق على عمليات هدم المنازل وترحيل السكان من أحياء شعبية في مدن مرشحة لاستضافة مباريات المونديال، مما أثار جدلاً واسعًا وفتح نقاشًا حادًا حول التكلفة الاجتماعية لهذا الحدث الرياضي العالمي.
في قلب العاصمة الرباط، سلط التقرير الضوء على حي “دوار العسكر”، حيث وثقت الصحيفة شهادات مؤثرة من سكان وجدوا أنفسهم في مواجهة قرارات إفراغ مفاجئة. أفاد العديد منهم بتلقيهم أوامر بمغادرة منازلهم في آجال قصيرة للغاية، دون توضيحات كافية أو تعويضات تراعي ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. وصف أحد السكان، بحسرة، كيف تحولت أحلامهم بتحسين أوضاعهم إلى كابوس بسبب جرافات الهدم التي لا تعرف الرحمة، فيما تساءل آخرون عن مصير أراضيهم ومن سيكون المستفيد الحقيقي من هذه العمليات.
لم يقتصر التحقيق على سرد الوقائع، بل حاول استكشاف الأبعاد الأعمق للمشكلة. فقد أشار إلى أن هذه العمليات تتم وسط غموض حول المشاريع المستقبلية المزمع إقامتها على أنقاض هذه الأحياء، مع تكهنات تشير إلى إمكانية تخصيص بعض الأراضي لمشاريع استثمارية خاصة. كما انتقد التقرير ما اعتبره افتقارًا للشفافية في التعامل مع السكان، حيث لم يتم إشراكهم بشكل كافٍ في عملية اتخاذ القرار، وهو ما زاد من شعورهم بالظلم والتهميش.
من خلال هذه القصص الإنسانية، طرحت “ليبراسيون” تساؤلات جوهرية حول توازن التنمية والعدالة الاجتماعية، في وقت يسعى فيه المغرب لتقديم صورة لامعة على الساحة الدولية. فهل ستكون كأس العالم 2030 فرصة للتقدم والازدهار للجميع، أم ستترك خلفها جروحًا اجتماعية يصعب التئامها؟ يبقى هذا السؤال معلقًا في انتظار إجابات من الجهات المعنية، بينما تستمر أصوات السكان المتضررين في البحث عن من يصغي إليها.