لم يمض وقت طويل على افتتاح ملعب القرب بشارع الحسن الثاني بمدينة طانطان، حتى بدأت أصوات الاستياء ترتفع من الساكنة والنشطاء المحليين، مع اقتراب سقوط الألواح الشمسية المركبة حديثًا لتزويد الملعب بالطاقة النظيفة.
ما كان يُفترض أن يكون نموذجًا للاستثمار الأخضر ودعم الرياضة المحلية تحول إلى رمز للإهمال وسوء التدبير، يثير تساؤلات حول جدوى المشاريع العمومية في ظل غياب المتابعة والصيانة. الألواح الشمسية، التي رُكبت كجزء من خطة لتعزيز البنية التحتية الرياضية بالمدينة، لم تتحمل عوامل الزمن والرياح القوية التي تشتهر بها المنطقة، فبدأت تتهاوى قبل أن تثبت فعاليتها، مخلفة شعورًا بالخيبة لدى الشباب الذين كانوا يأملون في استغلال الملعب لممارسة هواياتهم.
هذا المشهد ليس مجرد حادثة عابرة، بل انعكاس لمشكلة أعمق تتعلق بجودة التنفيذ والتخطيط العشوائي الذي يطبع العديد من المبادرات المحلية. فكيف يمكن أن يُعقل أن تُركب ألواح بمثل هذا الضعف في منطقة معروفة بمناخها القاسي دون دراسة مسبقة لتحمل تلك التقنيات؟ وأين دور الجهات المسؤولة في مراقبة المقاولات وضمان استدامة المشروع؟
الساكنة تشير بأصابع الاتهام إلى المجلس الجماعي والمقاولين، معتبرة أن ما حدث ليس سوى نتيجة طبيعية لتغليب المصالح الضيقة على جودة العمل، بينما يرى البعض أن المشكلة تكمن في غياب رؤية واضحة لتكييف المشاريع مع خصوصيات المنطقة.
الملعب الذي كان يُفترض أن يشكل متنفسًا للشباب أصبح اليوم خطرًا محتملاً، مع تهديد الألواح المتساقطة لسلامة المارة والمستخدمين، مما يطرح السؤال: هل نحن أمام فشل تقني أم إداري؟ أم أن الأمر يجمع بين الاثنين في معادلة تكررت كثيرًا في مشاريع مشابهة؟
في الوقت الذي تروج فيه الدولة للطاقة المتجددة كحل للمستقبل، يبدو أن تجربة طانطان تكشف عن هوة واسعة بين الشعارات البراقة والواقع الميداني، حيث الإهمال والتسيب يقوضان الجهود ويحولان الفرص إلى أزمات. إن ما يحتاجه الأمر ليس مجرد إصلاح عاجل لهذه الألواح، بل تحقيق شفاف يحدد المسؤوليات ويعيد الثقة للساكنة في المشاريع التي تُطلق باسم التنمية، قبل أن تتحول كل مبادرة إلى مجرد واجهة فارغة تتهاوى مع أول هبة ريح.