سعيد العيدي – خريبكة
في إطار الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق النساء، وتزامناً مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها جهة بني ملال خنيفرة، تبرز قضية التمكين الاقتصادي للنساء كحجر أساس لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة. ومع تصاعد التحديات المرتبطة بضعف فرص الاندماج المهني، وتعثر الوصول إلى التمويل، وتداعيات الظروف الاقتصادية الراهنة، تتجدد التساؤلات حول السبل الكفيلة بدعم ريادة الأعمال النسائية وتعزيز حضور المرأة في سوق الشغل.
في هذا السياق، نظمت دينامية “أجيال المساواة – بني ملال خنيفرة” جلسة حوارية مجتمعية تحت عنوان: “كيف يمكن تحقيق تمكينًا اقتصاديًا للنساء في ظل التحديات الراهنة؟”، مساء الثلاثاء 11 مارس 2025، بالقاعة الكبرى للخزانة الوسائطية في خريبكة. هدفت الجلسة إلى تشخيص إشكاليات الإدماج الاقتصادي للنساء، واستكشاف حلول مبتكرة لتعزيز ريادتهنّ في المجال الاقتصادي، وتحسين فرص الحصول على التمويل والمواكبة.
وشارك في هذا اللقاء مجموعة من الفاعلين الجمعويين والتنفيذيين، من بينهم ممثلو مشروع “أجيال المساواة”، وجمعيات “أيادي الأمل” من الفقيه بن صالح، و”الطلائع” من خريبكة، و”التأهيل للشباب”، و”أنصات”، و”أنير”، و”انطلاقة”. وقد تنوعت المداخلات بين تشريح التحديات وطرح الحلول العملية، حيث أشار الأستاذ يوسف لوطي، منسق مشروع “G/ACT” التابع لجيل فاعل بني ملال، إلى أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لخلق فرص اقتصادية للنساء.
من جهته، تطرق الأستاذ جواد واكون، مدير مشروع ريادة الأعمال “أفوار”، إلى ضرورة تبني برامج تكوينية تلائم احتياجات السوق المحلي، مع تسهيل إجراءات الحصول على التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. أما الأستاذة نورة المنعم، رئيسة جمعية “أيادي الأمل”، فأكدت على دور التمكين النفسي والمعرفي للنساء كمدخل لبناء ثقافة الاستقلالية الاقتصادية، بينما سلط الأستاذ عبد الحق مداني، مدير مشروع إدماج خنيفرة، الضوء على أهمية دعم المشاريع النسائية في المناطق القروية عبر توفير البنية التحتية اللازمة.
من جانبها، تناولت الأستاذة شيماء مداوي، عضوة جمعية “أنصات”، التحديات الثقافية التي تواجهها النساء في المهن التقليدية، داعيةً إلى حملات توعوية لتغيير الصور النمطية. فيما ركز الأستاذ نبيل متقال، رئيس منظمة “الطلائع”، على ضرورة إشراك الشباب في برامج التمكين الاقتصادي للنساء لضمان استدامة الجهود.
وخلال النقاش، تمت الإشارة إلى أن تطوير المقاولات النسائية يتطلب سياسات عمومية مرنة، وتمويلاً موجهاً، وإرساء بيئة تشريعية داعمة، خاصة في ظل ارتفاع نسبة العمل غير المهيكل بالجهة. كما طُرحَ ضرورة توسيع برامج الدعم الفني والتسويقي، وتعزيز الشمول المالي عبر مبادرات مبتكرة تلامس خصوصية المنطقة.
وتكشف هذه الجلسة الحوارية أن الطريق نحو تمكين اقتصادي حقيقي للنساء لا يزال بحاجة إلى تعبئة جماعية، تجمع بين الإرادة السياسية، والمبادرات المجتمعية، والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا. فتحقيق المساواة ليس مطلباً اجتماعياً فحسب، بل هو رافعة اقتصادية ستسهم – إن أُحسِن توظيفها – في دفع عجلة التنمية بجهة بني ملال خنيفرة، نحو آفاق أكثر إنصافاً واستدامة.