وسيمةبنشكرية
نُظمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع مكناس ندوة علمية وطنية في موضوع “المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات” يوم السبت 15 فبراير 2025 بالمركز الإقليمي للتكوينات والملتقيات سباتا بمكناس، بتعاون مركز مداد للأبحاث والدراسات.
وتأتي هذه الندوة في إطار تفعيل بنود اتفاقية الشراكة والتعاون بين الجمعية والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمكناس، بهدف تسليط الضوء على المعرفة الشرعية في المناهج الدراسية لمادة التربية الإسلامية ومناقشة سبل تطويرها.
افتتحت أشغال الندوة بجلسة ترأسها الدكتور عبد الجليل بوسيف، وقررتها الأستاذة لطيفة كريني، حيث استُهلت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم كلمة الدكتور محمد كليل، المدير الإقليمي للوزارة، الذي أكد على أهمية مراجعة وتطوير المناهج الدراسية بما يواكب التحولات التربوية الحديثة. كما تحدث الدكتور عبد الوهاب الحاجي، رئيس مركز مداد، عن أهمية هذه الندوة العلمية وما أثمرته من جهود علمية، كان أبرزها إصدار كتاب جماعي محكم بعنوان “المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية – تاريخ ومقاربات” ضمن منشورات مركز مداد.
في كلمته، أبرز الدكتور عبد العزيز الإدريسي، رئيس فرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، أهمية الندوة في سياق الإصلاحات التربوية والتحديات المرتبطة بتطوير تدريسية مادة التربية الإسلامية، مشيرًا إلى الحاجة إلى تناول موضوع المعرفة الشرعية من زاوية تاريخية ومقاربة منهجية شمولية.
من جانبه، ألقى الدكتور عبد الجليل بوسيف كلمةً تناول فيها مكانة المعرفة الشرعية في المنظومة التربوية، مشددًا على ضرورة أن تساهم مادة التربية الإسلامية في ترسيخ الهوية الثقافية والوطنية وتعزيز القيم الأخلاقية في الأجيال الناشئة.
وانطلقت الجلسات العلمية بمحاضرة افتتاحية ألقاها الدكتور فؤاد شفيقي، المفتش العام للوزارة، تحت عنوان “المنهاج الدراسي المغربي: تحديات وتحولات”، حيث ناقش التطورات التاريخية للمناهج الدراسية في المغرب، والممارسات البيداغوجية الراهنة، والرهانات المجتمعية أمام التحولات المعاصرة. كما استعرض خمس تحولات كبرى تتعلق بالمدرسة المغربية، من أبرزها ضرورة تحقيق تكافؤ الفرص، وضمان اكتساب المهارات الحياتية، والاستفادة من التطورات الرقمية، إضافة إلى تحديات الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة التكنولوجية. في ختام المحاضرة، تم تكريم الدكتور فؤاد شفيقي اعترافًا بمساهماته في تطوير المنظومة التربوية.
وتوزعت أشغال الندوة على جلستين علميتين، تناولت المداخلات فيهما محاور متعددة تتعلق بتاريخ تدريس المعرفة الشرعية ومقارباتها في مادة التربية الإسلامية. في الجلسة الأولى، ناقش الدكتور عبد المنعم الدقاق تطور المعرفة الشرعية في المناهج الدراسية منذ الاستقلال إلى اليوم، مسلطًا الضوء على التحولات التي شهدتها مقررات التربية الإسلامية، من التركيز على استرداد المعارف إلى مقاربة تنمية الكفايات. أما الدكتور مصطفى الفاتيحي، فقد تناول موضوع تدريس القرآن الكريم، متتبعًا مراحل تطوره وأبرز المقاربات الديداكتيكية المعتمدة في تدريسه، وأثرها على تنظيم المادة الشرعية. كما تناول الدكتور محمد الصنهاجي الدرس الحديثي في مادة التربية الإسلامية، مبينًا موقعه ضمن المنهاج الحالي، ومشددًا على دوره في تعزيز الهوية الثقافية الإسلامية. أما الدكتور محمد فارس، فسلط الضوء على موضوع “إدماج القيم في مادة التربية الإسلامية”، مشيرًا إلى أهمية جعل القيم جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية عبر تدريس منظم ومخطط له.
أما الجلسة العلمية الثانية، فترأسها الدكتور عبد الوهاب الحاجي، وتضمنت مداخلات حول تدريس العقيدة، والفقه، والسيرة النبوية، والتعليم الأصيل. في هذا السياق، قدم الدكتور محمد الأنصاري مداخلة حول “الدرس العقدي في مادة التربية الإسلامية”، حيث استعرض تاريخ تدريس العقيدة في التعليم المغربي، مشيرًا إلى أهمية اعتماد التأصيل القرآني للعقيدة في المناهج الحالية. من جانبه، ناقش الدكتور محمد القاسمي موضوع “الدرس الفقهي”، متتبعًا مراحل تدريس الفقه في المناهج المغربية، ومبرزًا أهم التحديات التي يواجهها هذا المكون التعليمي. أما الدكتور عبد العزيز الإدريسي، فقد تناول في مداخلته “الدرس السيري”، متحدثًا عن موقع السيرة النبوية في المناهج الدراسية وأهمية تحليل الخلفيات البيداغوجية المعتمدة في تدريسها.
واختُتمت الجلسة بمداخلة حول “المعرفة الشرعية في التعليم الأصيل”، قدمها الدكتور مراد لمرابط والدكتور عمر آيت أوعمرو، حيث استعرضا التطورات التي شهدها التعليم الأصيل في المغرب منذ 1912، وتحدياته الراهنة، وموقعه في النظام التعليمي المغربي الحالي.
وفي ختام الندوة، تم تقديم شهادات تكريمية للمشاركين اعترافًا بمساهماتهم العلمية، وسط إشادة بالجهود المبذولة لإنجاح هذا الحدث العلمي، الذي شكل إضافة نوعية للنقاش حول تدريس المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية، وفتح آفاقًا جديدة لتطوير المناهج التربوية في هذا المجال.