في مشهد يعكس الخلافات العميقة بين مكونات التحالف الحكومي، تصاعدت حدة التناقضات بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير التجهيز والماء نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بشأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وبينما حاول أخنوش تقديم صورة وردية عن إنجازات الحكومة، خرج بركة بانتقادات حادة تعكس واقعًا مغايرًا، حيث بدت الحكومة وكأنها تتسابق على من سيفر بها في ظل التوترات المتزايدة.
في مقطع فيديو نشره رئيس الحكومة، أشار أخنوش إلى ما اعتبره تحسنًا في قطاعات التعليم والصحة وزيادة الأجور وتخفيض الضريبة على الدخل، إلى جانب دعم السكن. واعتبر أن هذه الإجراءات شكلت إصلاحات عميقة أثرت إيجابًا على المغاربة. غير أن هذا الخطاب التفاؤلي لم يصمد طويلاً أمام تصريحات نزار بركة، الذي بدا وكأنه يتحدث من موقع المعارضة، مهاجمًا بشكل مباشر سياسات حكومته، خصوصًا في ما يتعلق بغلاء أسعار المواد الغذائية وعلى رأسها اللحوم.
بركة انتقد بشكل لاذع دعم الحكومة لاستيراد الأضاحي، مشيرًا إلى أن الدعم المخصص والذي بلغ 500 درهم لكل رأس لم يكن له أي تأثير إيجابي على الأسعار، حيث تم استيرادها بـ2000 درهم لكنها بيعت للمستهلكين بـ4000 درهم، الأمر نفسه ينطبق على اللحوم التي استوردتها الحكومة بـ40 درهمًا للكيلوغرام لكنها وصلت إلى المستهلك بأكثر من 100 درهم. ولم يتوانَ بركة في توجيه رسالة قوية إلى التجار والمضاربين بقوله: “اتقوا الله في المغاربة، باراكا ما تاكلو فلوس المغاربة”، في إشارة إلى تزايد هوامش الربح بشكل غير مبرر.
هذا التناقض العلني بين ركنين أساسيين في التحالف الحكومي يأتي في وقت يعاني فيه المواطنون من ارتفاع مهول في الأسعار، مع اقتراب شهر رمضان، دون أن تنجح الحكومة في ضبط السوق أو فرض رقابة حقيقية على الأسعار. ورغم تخصيص ميزانيات ضخمة تجاوزت 1000 مليار سنتيم لدعم بعض المواد، إلا أن النتيجة كانت ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المنتجات الأساسية، وسط استفادة المستوردين والمضاربين من الدعم الحكومي دون أي انعكاس إيجابي على القدرة الشرائية للمواطن البسيط.
في ظل هذا الوضع، يبدو أن مكونات الحكومة أصبحت أكثر انشغالًا بتسجيل الأهداف السياسية ضد بعضها البعض، بدلًا من تقديم حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية التي تعمّق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث يزداد الغني غنىً والفقير فقرًا، بينما تستمر الحكومة في لعبة “المونديال السياسي” الذي يهدد بانفراط عقد تحالفها في أية لحظة.