تواجه جهات الصحراء المغربية في سنة 2025 مجموعة من الرهانات التنموية التي تتداخل فيها التطلعات الطموحة مع التحديات الواقعية. ورغم المشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة خلال السنوات الأخيرة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال هناك أسئلة ملحّة حول مدى تحقيق هذه البرامج لأهدافها المعلنة، خاصة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وتقليص الفوارق الاجتماعية.
التنمية الاقتصادية: بين الطموح والمردودية
يُعتبر استثمار الثروات الطبيعية في جهات الصحراء، مثل الفسفاط والصيد البحري، محوراً أساسياً في البرامج الاقتصادية. غير أن هناك انتقادات متزايدة بشأن ضعف مساهمة هذه القطاعات في تحسين مستوى عيش السكان المحليين. غالباً ما تُوجّه أرباح هذه القطاعات إلى مراكز القرار الاقتصادية خارج المنطقة، مما يُبقي السكان في وضعية هشّة ويثير تساؤلات حول عدالة توزيع الثروات.
كما أن مشاريع الطاقات المتجددة، رغم أهميتها الاستراتيجية، تواجه تحديات تتعلق بالشفافية في تدبيرها ومدى إشراك المجتمعات المحلية في الاستفادة منها، سواء عبر فرص العمل أو تقاسم العائدات.
البنية التحتية: مشاريع طموحة أم تعثرات متكررة؟
على الرغم من التقدم الملحوظ في مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والموانئ، إلا أن بعض المشاريع الكبرى تعاني من بطء التنفيذ، مما يحد من تأثيرها الإيجابي. المشروع الطموح لخط السكك الحديدية الذي يربط مراكش بالعيون، على سبيل المثال، ما زال يواجه تأخيرات بسبب تحديات تقنية وتمويلية، مما يثير تساؤلات حول جدية التزام الدولة بدمج المنطقة بشكل كامل في الشبكة الوطنية.
الخدمات الاجتماعية: فجوة بين الخطط والواقع
تشهد القطاعات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم، تبايناً واضحاً بين الخطط الحكومية والواقع الميداني. رغم الجهود المبذولة لتعزيز التمدرس وتحسين الخدمات الصحية، تعاني العديد من المناطق من نقص في الكوادر الطبية والمؤسسات التعليمية، مما يُكرّس التفاوت بين المناطق الحضرية والقروية. يظل الشباب في المنطقة يواجهون صعوبة في إيجاد فرص عمل مناسبة، ما يدفع البعض للهجرة نحو المدن الكبرى أو الخارج.
البيئة والتنمية المستدامة: شعار دون تفعيل؟
تواجه المنطقة تحديات بيئية كبيرة، مثل التصحر وشح الموارد المائية. ورغم إدماج الاستدامة في الخطط التنموية، فإن التفعيل الحقيقي لهذه الاستراتيجيات يبدو محدوداً. غالباً ما تُنَفَّذ المشاريع الاقتصادية دون مراعاة كافية للأثر البيئي، مما يهدد التوازن الطبيعي للمنطقة ويُعرض الثروات الطبيعية للاستنزاف.
المسألة السياسية والدبلوماسية: التنمية في خدمة السيادة؟
تلعب التنمية الاقتصادية والاجتماعية دوراً مهماً في دعم الموقف المغربي في نزاع الصحراء، غير أن هذا الربط قد يؤدي أحياناً إلى تقديم أولويات دبلوماسية على حساب الحاجات الملحّة للسكان المحليين. يُثار هنا تساؤل حول ما إذا كانت التنمية تُخطَّط وفقاً لأولويات المجتمعات المحلية أم تُستغل كأداة لتعزيز المواقف السياسية.
جهات الصحراء: بين الإنجاز والانتظار
في سنة 2025، تُواجه جهات الصحراء المغربية لحظة حاسمة بين ما تحقق من إنجازات وما تبقى من انتظارات. تتطلب المرحلة المقبلة مقاربة أكثر شمولية تعتمد على إشراك المجتمعات المحلية بفعالية في اتخاذ القرار، وضمان العدالة في توزيع الثروات، وربط المشاريع الاقتصادية بالاحتياجات الحقيقية للسكان. بدون تحقيق هذه الأولويات، قد تتحول رهانات التنمية إلى مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ.