في واقعة أثارت استياءً كبيراً داخل الساحة الفنية والثقافية بالصحراء، تعرّضت أشهر فرقة فنية بمدينة السمارة، ذات الارتباط التاريخي العميق بالفن الحساني والصحراء، إلى تهميش غير مسبوق خلال الاحتفالات الرسمية بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، بعدما خصص لها تعويض لا يتجاوز 3000 درهم فقط، في وقت تم فيه استقدام فرق فنية أخرى من خارج الإقليم بعقود عمل وتعويضات مالية كبيرة.
وتُعد هذه الفرقة من أقدم التشكيلات الغنائية بالسمارة، إذ تمثل ذاكرة فنية حقيقية، ساهمت لعقود في التعريف بالطرب الحساني والمحافظة على رموزه وأساليبه، ما يجعل تغييبها عن صدارة حدث وطني بهذا الحجم أمراً صادماً لدى المتابعين.
وبحسب مصادر فنية محلية، فقد جرى إقصاء الفرقة عبر تهميش مشاركتها في الفعاليات الرسمية، رغم مكانتها التاريخية وكونها من أبرز الحاملين للذاكرة الحسانية، مقابل الاستعانة بفرق خارجية لا تربطها علاقة مباشرة بالفن الحساني وخصوصيته الثقافية، مع تمكينها من مبالغ مالية وصفت بـ”الضخمة”.
واعتبر فاعلون محليون عن استغرابهم مما وصفوه بـ”سياسة التفريط” في طاقات الإقليم، مشيرين إلى أن الطرب الحساني “يستغيث” في عاصمة الفن الصحراوي، بينما يكتفي المنتخبون في المدينة – حسب تعبيرهم – بالصمت، رغم ما يُثار من احتجاجات وانتقادات واسعة.
كما أكد مهتمون أن ما حدث يمسّ فلسفة الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء التي ترمز للوحدة الوطنية والترابية، معتبرين أن دعم الفنانين الصحراويين هو جزء من صون الهوية وتعزيز الروابط العميقة بين الإنسان وثقافته.
وطالب فنانون من السمارة بفتح تحقيق حول طريقة تدبير الميزانيات الفنية ومعايير الانتقاء، داعين إلى إنصاف الفرق المحلية التي لطالما حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن التراث الحساني، وتثبيت حضورها في الساحة الوطنية.
وتطرح هذه الواقعة تساؤلات حول جدوى رصد ميزانيات كبيرة إن كانت لا تخدم التراث المحلي ولا تُنصف رواده، وهل من المعقول أن تُمنح أعرق فرقة حسانية تعويضاً لا يتعدى 3000 درهم في حدث وطني كبير، فيما تُمنح ملايين السنتيمات لفرق لا تمتّ بصلة لهوية المنطقة الفنية؟
قضية تعيد إلى الواجهة مطلب إعادة الاعتبار للموروث الحساني بالسمارة، وضرورة إرساء حكامة ثقافية تضمن الإنصاف للفنان المحلي وتثمين دوره في حماية التراث الوطني.


