بقلم لطرش فاطمة – رئيسة منتدى الحركة النسائية المغربية الصحراوية
في الوقت الذي يتحدث فيه رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء عن شمول طرفاية ببرامج التنمية الجهوية، يبدو أن الواقع يقول عكس ذلك تماماً. فهذه التصريحات التي تُراد منها تلميع الصورة لا تستطيع أن تُخفي حقائق الميدان: طرفاية مازالت تعيش على هامش الاهتمام الجهوي، وما يُرفع من شعارات حول العدالة المجالية والإنصاف التنموي لا يتجاوز حبر الورق ولا صدى الخطابات الموسمية.
طرفاية البوابة البحرية المنسية
طرفاية المدينة ذات الموقع الاستراتيجي الذي يجعلها صلة وصل بين شمال المملكة وجنوبها، تحولت إلى رمز للتهميش التنموي، رغم كل مؤهلاتها الطبيعية والاقتصادية والسياحية.
فبدل أن تكون ميناءً نابضاً بالحياة ومركزا للتجارة البحرية، أضحت شاهداً على بطء المشاريع وغياب الرؤية الاستراتيجية في التخطيط الجهوي.
طرق متآكلة استثمارات غائبة شباب يعانون البطالة وبنية تحتية لا تليق بمكانتها الجغرافية ولا بتاريخها الوطني.
الشعارات البراقة لا تصنع التنمية
كل دورة من دورات الجهة ترفع نفس العناوين: العدالة المجالية، التنمية المستدامة، الجهوية المتقدمة… ولكن على الأرض لا نرى إلا تكرار نفس المشاريع في نفس المدن.
تُمنح الأولوية لأقاليم بعينها، بينما تظل طرفاية مجرد “ملف مؤجل” لا يدخل جدول الاهتمام إلا في الصور الرسمية أو التصريحات الإعلامية.
وإن كانت اتفاقيات الشراكة تُعلن على الورق بأرقام ضخمة، فإن حصة طرفاية منها تكاد لا تُذكر، وكأنها مدينة خارج الجغرافيا الجهوية.
غياب الشفافية في تدبير المال العام
من حق ساكنة طرفاية أن تسأل اليوم:
أين هي تلك الاتفاقيات التي يقال إنها تهم جميع الأقاليم؟
وما نصيب طرفاية من ميزانية التنمية الجهوية التي تتحدث عنها المجالس كل دورة؟
ثم، أين هو البعد التشاركي الذي وعدت به الجهوية المتقدمة في توزيع المشاريع بعدالة وشفافية؟
إن غياب الوضوح حول طبيعة الاتفاقيات وكلفة المشاريع، يعزز الشكوك حول وجود انتقائية في التوزيع الجهوي، ويفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة عن معايير الأولوية التي يتم اعتمادها.
الورش الملكي غاب التطبيق وبقي الشعار
لقد أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أكثر من خطاب على ضرورة تحقيق العدالة المجالية والمساواة بين الأقاليم في الاستفادة من ثمار التنمية.
لكن يبدو أن التطبيق على أرض الواقع لم يرقَ بعد إلى مستوى الرؤية الملكية، خصوصاً في طرفاية التي لم تنعم بما تستحقه من مشاريع مهيكلة.
فالورش الملكي الكبير للجهوية المتقدمة و التنمية المجالية مازال رهين عقلية “الانتقاء والمحاباة”، في حين أن فلسفته تقوم على الإنصاف والتوازن والعدالة في توزيع الثروة والفرص.
طرفاية تستحق الإنصاف
طرفاية ليست مجرد نقطة على خريطة الجهة، بل ركيزة أساسية في عمقها الاقتصادي والبحري، وواجهة ينبغي أن تنال حقها من التنمية.
من الظلم أن تبقى رهينة التهميش، في وقت يُصرف فيه الملايير على مشاريع في مدن أخرى أقل حيوية منها.
الإنصاف لا يكون بالشعارات، بل بقرارات جريئة تُعيد الاعتبار لهذه المدينة المنسية، وتفتح أمام شبابها أبواب التشغيل والاستثمار والعيش الكريم.
فاحيرا اقول على ان الحديث عن تنمية جهوية متوازنة لا يمكن أن يكون ذا مصداقية ما دامت طرفاية خارج الحسابات.
فمن غير المقبول أن تظل شعارات “العدالة المجالية” و”الإنصاف التنموي” تُرفع في القاعات المكيفة بينما الواقع يروي قصة أخرى.
لقد آن الأوان لتصحيح المسار، فطرفاية ليست مدينة من الدرجة الثانية بل جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، ومن حقها أن تُعامل بما يليق بموقعها، بتاريخها، وبأهلها الصادقين الذين لا يطلبون سوى الإنصاف. .


