وجهت 33 هيئة وجمعية من الحركة الأمازيغية بالمغرب مذكرة إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، انتقدت فيها المنظومة القانونية المؤطرة للأحزاب السياسية، معتبرة أنها أصبحت “أحد أبرز أسباب الأزمة السياسية الراهنة” في البلاد.
وأكدت الهيئات الموقعة، في المذكرة التي توصلت “الصحراء نيوز” بنسخة منها، أن هذه المنظومة، التي تعود جذورها إلى ما قبل دستور 2011، تُقصي التيارات الفكرية الجديدة وتغلق الباب أمام بروز فاعلين سياسيين من خلفيات مختلفة، وعلى رأسهم المنحدرون من الحركة الأمازيغية.
وقال عبد الله بوشطارت، عضو مجموعة “البديل الأمازيغي”، إن “الحركة الأمازيغية تعاني من إقصاء ممنهج من الساحة السياسية رغم إيمانها العميق بالديمقراطية والحداثة”، مضيفًا أن “الفاعلين الأمازيغ حُرموا من حقهم في التمثيل الحزبي، ما اضطرهم إلى الاشتغال خارج المؤسسات، رغم امتلاكهم مشروعًا وطنيًا يهدف إلى المساهمة في البناء الديمقراطي والتنموي للمغرب”.
وأوضح بوشطارت أن “جوهر هذا الإقصاء يكمن في المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 29.11، التي تحظر تأسيس الأحزاب على أساس لغوي أو ثقافي”، مشيرًا إلى أن “هذه المادة تُستعمل كأداة لمنع الفاعلين الأمازيغيين من التأسيس، في حين يُغض الطرف عن أحزاب قائمة على مرجعيات إيديولوجية أو دينية”.
وحذّر من أن “استمرار هذا الوضع يُكرّس ديكتاتورية سياسية مقننة، عبر فرض الانخراط في أحزاب تقليدية لا تعكس أولويات الفاعلين الأمازيغيين”، معتبرا أن ذلك “يحد من التعددية الفكرية والسياسية ويقوض ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”.
وطالبت المذكرة بتعديل القانون التنظيمي رقم 29.11 بما يتيح تأسيس أحزاب جديدة تمثل التيارات الفكرية الصاعدة، مع حذف شرط الإدلاء بشهادة التسجيل في اللوائح الانتخابية والاكتفاء بنسخة من البطاقة الوطنية، معتبرة أن “الإجراءات الحالية تعرقل العمل الحزبي وتثبط عزيمة الشباب”.
كما دعت إلى مراجعة شرط التوفر على مقر وطني للحزب، مؤكدة أن “التطور الرقمي يتيح إمكانية تسيير العمل الحزبي عن بُعد، مما يستدعي تحيين النصوص القانونية لتواكب العصر”.
وشددت المذكرة على أن “إصلاح المنظومة الحزبية والانتخابية هو المدخل الأساسي لإعادة الثقة في السياسة ومؤسسات الدولة”، مؤكدة أن “دمقرطة الحياة السياسية لن تتحقق دون إشراك الحركة الأمازيغية وباقي مكونات المجتمع على قدم المساواة”.
كما أكدت الهيئات الموقعة على ضرورة “حياد الإدارة في الإشراف على الانتخابات” ضمانًا لتكافؤ الفرص والتنافس الحر بين مختلف الفاعلين.
ومن بين الهيئات الموقعة على المذكرة: مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي، كونفدرالية أطلس تانسيفت بمراكش، جمعية أمازيغ صنهاجة الريف بالحسيمة، جمعية تيوزي للثقافة والتنمية وحقوق الإنسان بتينجداد، وجمعية أزمزا للثقافة والتنمية بتارودانت، إلى جانب عدد من التنظيمات المدنية والثقافية الأخرى.


