تُعد دار الشباب المدينة العتيقة بآسفي من أبرز الفضاءات النشيطة التي تحتضن مختلف المبادرات الجمعوية والثقافية بالمدينة، إذ أصبحت خلال السنوات الأخيرة قبلةً أساسية للشباب والفاعلين المدنيين الباحثين عن فضاء يؤطر أحلامهم ويترجم طموحاتهم في مجالات الإبداع والتطوع والمواطنة.
وتعرف المؤسسة زخمًا متزايدًا من الأنشطة التربوية والفنية والاجتماعية، ما جعلها ركيزة حيوية في إشعاع المدينة العتيقة ثقافيًا وإنسانيًا، ومجالًا خصبًا لتلاقح الأفكار وبناء الوعي الجماعي.
لكن هذا الحراك الجمعوي اليومي، على زخمه وغناه، يواجه جملةً من الإكراهات التي تهدد استمراريته وجودته، وفي مقدمتها غياب الموارد البشرية الضرورية لتأمين المؤسسة والحفاظ على نظافتها.
ففي غياب رجل الأمن وآلية مخصصة للتنظيف، تضطر مديرة دار الشباب إلى القيام يوميًا بعمليات التنظيف بنفسها، في مشهد يعكس روح المسؤولية والتفاني، لكنها مسؤولية تتجاوز طاقتها الفردية أمام حجم الإقبال وتعدد الأنشطة.
ورغم هذه الجهود الشخصية الاستثنائية، فإن كثافة الاستعمال وتوالي المبادرات يفرضان العناية الدائمة بالمرافق الصحية وسائر الفضاءات المشتركة، حتى تبقى الدار في مستوى تطلعات روادها. فالنظافة تشكل عنصرًا أساسياً في ضمان جودة الخدمات وسلامة المرتفقين، خصوصًا في مؤسسة تستقبل يوميًا أطفالًا وشبابًا وجمعيات مختلفة المشارب.
ويشهد رواد دار الشباب والعاملون بها بتميز إدارة المؤسسة التي تُعرف بحُسن استقبالها وتفاعلها الإيجابي مع الفاعلين الجمعويين، إذ تسهر المديرة على تتبع الأنشطة وتنظيمها بدقة ومسؤولية، في سبيل جعل الدار فضاءً دافئًا ومفتوحًا أمام الجميع. وقد ساهمت في بلورة مبادرات نوعية عززت قيم التطوع والمواطنة، وأسهمت في ترسيخ حضور المؤسسة داخل النسيج الاجتماعي للمدينة العتيقة.
غير أن غياب التأطير الأمني يظل من بين نقاط الضعف الكبرى التي تستوجب معالجة عاجلة، إذ يصعب على شخص واحد مراقبة حركة عشرات الجمعيات والأنشطة التي تحتضنها المؤسسة يوميًا، ما يفرض ضرورة توفير حارس قار وضمان ظروف عمل آمنة ومنظمة.
وفي هذا السياق، جاءت الدعوة الموجهة إلى الجمعيات العاملة داخل دار الشباب للانخراط الجاد في تعزيز جهود المديرة من أجل جعل المؤسسة فضاءً نظيفًا وجذابًا، والمساهمة في كل الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية.
كما تمت الإشارة إلى أن هذه الدعوة جاءت نتيجة جولات ميدانية أجرتها جريدة “الصحراء نيوز” داخل المؤسسة، رصدت خلالها حجم الجهود المبذولة من طرف المديرة، مقابل محدودية الوسائل المتوفرة.
ويُنتظر من الجمعيات ومجلس دار الشباب أن يتبنوا رؤيةً تشاركية تجعل من النظافة والعناية بالمؤسسة ركيزة أساسية في العمل الجمعوي، فدار الشباب فضاء للحياة والتربية والإبداع، يتقاسم الجميع مسؤوليته ويحميه الجميع بعقليتهم وسلوكهم اليومي.
رغم كل هذه التحديات، تظل دار الشباب المدينة العتيقة عنوانًا مضيئًا في خريطة العمل الجمعوي بآسفي، لكنها أيضًا مرآة لتحديات المرافق العمومية التي تستمر بفضل جهود نساء ورجال يؤمنون بأن خدمة الشأن الشبابي مسؤولية وطنية مشتركة تستحق الدعم والمواكبة.


