في تقييم متقاطع يعكس عمق الاهتمام المحلي بموسم طانطان الدولي، شدد كل من الأديب والروائي محمد أحمد الومان، والكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بطانطان عبد الهادي بوصبيع، على أهمية هذه التظاهرة الثقافية باعتبارها منصة ذات قيمة استراتيجية، تستحق نقاشًا جادًا وتطويرًا شاملًا يليق برمزيتها وإشعاعها الوطني والدولي.
ويرى محمد أحمد الومان أن الموسم المزمع تنظيم النسخة 18 منه بطانطان يُعد قيمة مضافة حقيقية، ليس فقط من حيث إشعاعه الرمزي، بل لما يحمله من إمكانيات كامنة في خدمة التنمية الثقافية والسياحية والاقتصادية بالإقليم. ويشدد على أن النقاش حول الموسم يجب أن يتحول من التركيز على البهرجة والدعم، إلى مساءلة مدى قدرة التظاهرة على تحقيق أثر حقيقي في حياة الساكنة، وذلك من خلال تعزيز حضور الرموز الثقافية الصحراوية الأصيلة مثل “الخيمة”، التي تُعد تمثيلًا هوياتيًا مركزيًا لا ينبغي إغفاله لصالح الفولكلور الاستعراضي.
كما يلفت الومان الانتباه إلى ضرورة اعتماد معايير شفافة لتدبير الدعم العمومي المرتبط بالموسم، مؤكدًا أن التوزيع العشوائي وغير العادل يُقوض فرص الإنصاف ويضعف ثقة الفاعلين في العملية برمتها. ويدعو إلى إنشاء منصة تنظيمية واضحة تحدد ضوابط الاستفادة من الدعم وتضمن تكافؤ الفرص، بعيدًا عن الترضيات والولاءات.
من جهته، يرى عبد الهادي بوصبيع أن “الموكار” لا يزال يفتقر إلى *الاستثمار الجيد للفرص التنموية التي يتيحها على المستويين الثقافي والسياحي*، رغم كونه مُصنفًا ضمن قائمة التراث اللامادي الإنساني. ويعتبره نافذة مهمة للتعريف بالثقافة الحسانية ومكونًا من مكونات التسويق الترابي للمنطقة، لكنه في صيغته الحالية يرسخ فقط بعدًا ترفيهيًا وفرجويًا لا يرقى لطموحات الساكنة ولا ينعكس فعليًا على مؤشرات التنمية المحلية.
ويقترح بوصبيع مجموعة من المبادرات لتطوير العرض الثقافي، من بينها إدراج عروض مسرحية من إنتاج فرق جنوبية، وتنظيم عروض أفلام وثائقية تبرز خصوصيات المجتمع الحساني، وتخصيص فقرات تنافسية لتتويج الإبداعات الأدبية والمقالات الصحفية المهتمة بالثقافة المحلية. كما دعا إلى توسيع البعد الدولي للتظاهرة من خلال دعوة البلدان الضيوف لتقديم عروض ثقافية تعكس تقاطعاتها مع ثقافة الصحراء المغربية.
ويؤكد بوصبيع أن ضعف التواصل الإعلامي والتنظيمي يظل من أكبر المعيقات التي تحد من إشعاع الموسم، مستشهدًا بالاحتجاج الذي نظمه صحفيون خلال دورة 2024 على خلفية غياب الندوات التواصلية وسوء تدبير العلاقة مع الإعلام. وهو ما يستوجب، حسب رأيه، الارتقاء إلى مستوى من الاحترافية يعكس قيمة الموسم ويخدم غاياته التنموية والثقافية الكبرى.
بين الرؤية الأدبية والتحليل السياسي، تتلاقى أصوات محلية معتبرة على ضرورة إعادة النظر في فلسفة تنظيم موسم طانطان، من أجل تحويله من مناسبة احتفالية محدودة الأثر، إلى تظاهرة ثقافية عالمية تُعلي من شأن التراث الحساني وتربطه برهانات التنمية المحلية والمجالية المستدامة.