يحتفل العالم غدا في 23 مارس من كل عام باليوم الأممي للأرصاد الجوية، وهي مناسبة أطلقتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة لرفع الوعي بأهمية العلوم الجوية في مواجهة التحديات المناخية ودعم التنمية المستدامة.
في بلادنا يأتي هذا اليوم في سياق مناخي معقد، حيث تتجلى تداعيات التغيرات المناخية بشكل واضح، بين جفاف تاريخي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة وموجات أمطار غزيرة أعقبتها، مما يطرح تحديات كبيرة على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة الفلاحة والموارد المائية.
وتشير تقارير المديرية العامة للأرصاد الجوية إلى أن عام 2023 كان الأكثر جفافًا في المغرب منذ 80 عامًا، مع عجز في التساقطات المطرية بلغ حوالي 48%، وهو ما أثر بشدة على الموسم الزراعي، مسجلاً نقصًا بنسبة 29.22% مقارنة بالمعدل الطبيعي. في الوقت نفسه، سجلت البلاد أعلى درجة حرارة في تاريخها، حيث بلغت 50.4 درجة مئوية في أكادير يوم 11 أغسطس 2023، وهو رقم قياسي يعكس حدة التطرف المناخي الذي حذرت منه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
لكن هذا العام، 2025، شهد تحولاً ملحوظاً مع عودة التساقطات المطرية الغزيرة التي أنعشت الآمال، حيث أفادت بيانات مناخية حديثة بتأثير ظاهرة “النينيا” التي ساهمت في إطالة فترات الأمطار خلال الربيع، مما دفع خبراء إلى التوصية بتوسيع السدود وتشييد أخرى جديدة لاستيعاب المخزون المائي المتزايد وحماية الأرواح والممتلكات.
هذه التقلبات المناخية تضع بلادنا أمام مسؤولية كبيرة لتعزيز دوره في مراقبة الأحوال الجوية والتكيف مع التغيرات المناخية، بيد أن المديرية العامة للأرصاد الجوية تلعب دورًا محوريًا في هذا السياق، من خلال إصدار نشرات إنذارية دقيقة وتوقعات موسمية تساعد في حماية القطاعات الحيوية. لكن التحديات لا تقتصر على الجانب التقني، بل تمتد إلى الحاجة إلى سياسات استباقية تتجاوز ردود الفعل اللحظية. فالجفاف الذي عانى منه المغرب لسنوات أثر على الفلاحين الصغار، بينما الأمطار الأخيرة، رغم إيجابيتها، تتطلب إدارة فعالة للموارد المائية لتفادي الفيضانات واستغلال المياه في تعزيز الأمن الغذائي.
وفي هذا الإطار، يبرز اليوم الأممي للأرصاد الجوية كفرصة للتأمل في أهمية التنسيق بين القطاعات الحكومية والمجتمع المدني لمواجهة هذه التحديات، مع التركيز على تعزيز الوعي العام بأهمية التكيف مع المناخ المتغير وضرورة حماية البيئة كجزء من التنمية المستدامة التي تنشد بلادنا تحقيقها.