مع تسجيل تساقطات مطرية متفاوتة خلال الأسابيع الأخيرة في عدد من مناطق المغرب، خاصة بالجهات الجنوبية والصحراوية، يتجدد النقاش حول تأثير هذه الأمطار على إنقاذ الموسم الفلاحي الحالي، الذي عانى من تأخر هطول الأمطار وتداعيات الجفاف في الأشهر الماضية. فهل تشكل هذه التساقطات منعطفًا إيجابيًا لإنعاش الزراعات المحلية، أم أنها مجرد “نسمة عابرة” في ظل تحديات التغيرات المناخية التي تجعل المواسم غير مستقرة؟
في المناطق الصحراوية، طانطان نموذجا، حيث تعتمد الفلاحة بشكل رئيسي على الزراعات المعيشية وتربية الماشية، تُعتبر كل قطرة مطر بمثابة أمل لإنعاش المراعي وتغذية الفرشة المائية. وقد ساهمت الأمطار الأخيرة – وإن كانت متقطعة – في تحسين حالة المساحات الرعوية نسبيا، وتقليل الضغط على المياه الجوفية، ما أثار تفاؤلًا محدودًا لدى المزارعين الرعويين. غير أن الخبراء يحذرون من التعميم، إذ تختلف تأثيرات الأمطار بحسب كمياتها وتوزيعها الجغرافي، حيث سجلت بعض المناطق الصحراوية تساقطات ضعيفة ، بينما لم تصل أمطار كافية إلى مناطق أخرى، ما يحتم مراجعة مؤشرات “الإنقاذ” بحذر.
من جهة أخرى يحتاج الموسم الفلاحي إلى أمطار مستمرة ومتوازنة لضمان نمو الحبوب والمحاصيل لتوفير الدقيق و مشتقاته و العلف للماشية . فيما يرى مهندسون فلاحيون أن التساقطات الحالية، رغم أهميتها، قد تكون متأخرة لتعويض تأخر الزراعات، خاصة مع تقلص الفترة المتبقية لمراحل النضج.
وفي المقابل طرح مراقبين تساؤل مشروع بإقليم طانطان نموذجا عن مآل ملايير السنتيمات التي استفاد منها منتخبين بعينهم في إطار الدعم الفلاحي و مخطط المغرب الاخضر ولم يقدموا للسوق المحلية اي منتوج او اكتفاء بل لن يخلقوا اي فرص شغل في العالم القروي ، و علمت الجريدة الاولى صحراء نيوز من مصادر جهوية لمراسلة المجلس الاعلى للحسابات الجهة الوصية حول تذوب المال العام الفلاحي و استغلال الفساد الاداري السابق الذي وظف الشباك الواحد فقط لخدمة المنتخبين بينما الفلاحين الصغار ترفض مطالب تجهيز ضيعاتهم بمعية بعض رجال السلطة .
وذكرت بعض المصادر الشديدة الاطلاع ان بعض عمال ضيعات الفلاحين يتم اداء اجورهم من ميزانية العمال المياومين ومنهم من تم توظيفه للترامي على اراضي الجموع .
كما أن الفرشة المائية بواد بن خليل تتعرض للاستنزاف المباشر خصوصا ان الأبار المتميزة بالمياه العذبة يتم بيعها بشكل يومي المدن المجاورة وتصل إلى مدينة الداخلة عبر شاحنات صهيريجة ضخمة دون اداء اي ضرائب لخزينة الدولة أو تخصيص جزء من المياه للسكان المحليين بثمن مناسب بل حتى استثمار ملايين الدراهم في انعاش الخدمات و الاقتصاد المعيشي المحلي ؟
وفي سياق السلامة الصحية طالب المنتدى المغربي للمواطنة و الدفاع عن حقوق الانسان من السيد عامل إقليم طانطان عبد الله الشاطر بمحاسبة لوبي الدعم الفلاحي و الابار ، و تأهيل الشاحنات الصهريجية الملئية بالصدأ بتخصيص حاويات جديدة بحوالي 49 موزع للماء .
على المستوى الاستراتيجي، تُعيد هذه التساقطات طرح إشكالية إدارة المياه في المناطق الصحراوية، التي تعتمد على سياسات التكيف مع الجفاف عبر تعزيز الري الموضعي وتحلية المياه. فالأمطار وحدها – حتى لو كانت مُرضية – لا تكفي لضمان أمن غذائي مستدام دون بنى تحتية تسمح بتخزين المياه وتوزيعها بكفاءة.
ورغم أن الأمطار الأخيرة التي قد تكون شمعة أمل للموسم الفلاحي، فإنها تظل جزءًا من معادلة معقدة تتطلب سياسات استباقية لمواجهة “عطش” المستقبل. فالسؤال الأعمق: هل المغرب قادر على تحويل هذه التساقطات إلى فرصة ذهبية، أم أن الإدارة التقليدية للموارد المائية ستجعلها مجرد ذكرى في سجلات الأرصاد الجوية؟ الوقت كفيل بالإجابة.