ذ. لحسن ابعيلا
في لقاء تواصلي نظّمه المكتب المحلي لحزب العدالة والتنمية بمدينة آسفي مساء اليوم الجمعة، تناول الدكتور رضا بوكمازي، عضو الأمانة العامة للحزب، موضوع “قراءة في المشهد السياسي بالمغرب”. جاء اللقاء في ظل موجة من التحديات السياسية والاقتصادية التي يشهدها المغرب، مما دفع الدكتور بوكمازي إلى تسليط الضوء على معطيات وأوجه قصور جلية في الواقع السياسي الراهن.
واقع سياسي متأزم بعد ثلاث سنوات
أكد بوكمازي أن البلاد، بعد ثلاث سنوات من انتخابات 2021، أفرزت حكومة وأغلبية تعكس تراجعات خطيرة؛ إذ ارتفعت معدلات البطالة وسط تحديات اقتصادية كبيرة. وأوضح أن المواطنين باتت قدراتهم تختبرها سياسات غامضة وانسحاب عام عن اتخاذ القرارات الحاسمة.
تضارب المصالح والتحكم في القرار
أشار بوكمازي إلى تفاقم ظاهرة تضارب المصالح، حيث أصبح قرار السياسة العامة خاضعًا لتأثير رئيس الحكومة وبعض رؤساء المؤسسات الدستورية والجماعات الترابية الذين يمارسون أنشطة تجارية. وأكد أن هذا الواقع يثير تساؤلات المواطنين حول مستويات الاحتقار والفساد المصاحب لصيغة “الإصلاح مع الفساد”، مما يستدعي إعادة النظر في منهجية صنع القرار.
نداء لليقظة وتحريك ناقوس الخطر
دعا بوكمازي الفاعلين السياسيين والمثقفين إلى اليقظة الدائمة، مؤكدًا أن الوضع الحالي يشبه دق ناقوس الخطر في ظل احتكار الفساد وتراكمه في بعض الدوائر. وأضاف أن عقول المواطنين، رغم التحديات، ما زالت تسعى لكسر قيود الإدارة التي تحاصرهم، داعيًا إلى تحريك الفكر والنقاش حول سبل الإصلاح الجوهري.
دور حزب “المصباح” ومكانته السياسية
تناول بوكمازي الدور التأطيري الذي يقوم به حزب العدالة والتنمية لتغطية كافة المواقع السياسية، مشيرًا إلى أن النتائج التي حققها الحزب لم تعكس بدقة الخريطة الانتخابية. فقد شهدت تلك الخريطة تدخلات مباشرة تؤثر على النتائج من خلال المال الانتخابي وتوجيه الناخبين، فضلاً عن عدم استقلالية الصندوق الانتخابي. وبالرغم من الحضور اللافت للحزب في الساحة السياسية، فإن هذا الوضع وضعه في مرتبة لا تبرز إمكاناته ورصيده السياسي والتاريخي، ولا تعكس حصيلة أدائه النوعي في الحكومة والجماعات الترابية.
انتخابات 2021 والتحديات المستقبلية
تناول الدكتور بوكمازي تجربة انتخابات 2021 التي أفرزت خريطة انتخابية غير متجانسة، مما أسفر عن موقف لا يتناسب مع الإمكانات الحقيقية للحزب. وأوضح أن تلك التجربة كشفت عن فضائح فساد تغول بقوة بعد الانتخابات، مما أجبر الحزب على الاستمرار في أداء دوره الدستوري بتأطير المواطنين والترافع عن قضاياهم وبلورة الحلول التي تلبي تطلعاتهم. كما أشار إلى أن التقارير السوداوية التي تُظهر صورة قاتمة عن الواقع المعيشي للمغاربة – سواء على الصعيد الوطني أو الدولي – في مجالات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، مع التراجع الحاد للاستثمارات الأجنبية وتغلغل شركات رئيس الحكومة ومن يدور في فلكه، تستدعي إعادة تقييم استراتيجية العمل السياسي.
قدرة الحزب على تبوأ صدارة المشهد السياسي في انتخابات 2026
رغم التجارب المؤلمة التي شهدتها انتخابات 2021، حيث تعرض حزب العدالة والتنمية للتحكم في صناديق الاقتراع والتلاعب بالخريطة الانتخابية بما حال دون إنصافه، أكد الدكتور بوكمازي أن الحزب لا يزال يمتلك الإمكانات اللازمة لتبوأ صدارة المشهد السياسي في انتخابات 2026. أوضح أن التجربة السابقة كشفت عن استخدام وسائل مالية وتوجيه مباشر للناخبين لتشويه النتائج، مما أدى إلى عدم عكس النتائج للقوة الحقيقية للحزب. ورأى أن الفرصة ما تزال قائمة لإعادة رسم الخريطة السياسية على أسس العدالة والشفافية، من خلال تبني إصلاحات جذرية تعزز استقلالية الصندوق الانتخابي وتعيد الثقة لدى الناخبين، مما يمكّن الحزب من القيام بدوره الدستوري في تأطير المواطنين والترافع عن قضاياهم وبلورة الحلول التي تلبي تطلعاتهم.
وخلال اللقاء التواصلي الذي احتضنه المقر المحلي لحزب العدالة والتنمية بحي الجريفات شرق مدينة اسفي، والذي تميز بحضور قيادات الحزب المحلية والاقليمية والجهوية، اختتم بوكمازي كلمته بالتأكيد على أن حزب العدالة والتنمية، رغم التحديات ، يظل إحدى القوى السياسية البارزة في الساحة المغربية. وأشار إلى أن تحقيق دوره الفعّال واستعادة ثقة المواطنين يتطلب إعادة تقييم الاستراتيجيات وتصحيح المسارات، لتجاوز أزمات الفساد والاحتكار وإعادة بناء جسر التواصل بين الدولة والمواطن.