تتوافد الأنظار والقلوب في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك إلى المناطق البعيدة والهادئة، حيث تلتقي الصحراء جنوب بلادنا بالإيمان والتأمل لتصبح مسرحًا لأعظم اللحظات الروحية على الإطلاق، ففي هذه الفترة العظيمة، تتزاحم الأفكار والأماني والدعوات نحو الله، معتمدين على القنوت والخشوع في عزلة الصحراء لتجديد العهود والتعبد.
في قلب الصحراء المغربية، تتجلى عظمة الخلق وعظمة الخالق، حيث تشعر النفس بالسكينة والطمأنينة في هذا البيئة الطبيعية الخالية من الضجيج والتشتت، تصبح الرمال الذهبية والسماء الصافية خلفية مثالية للتفكير والتأمل، مما يجعل العبادة أكثر تركيزًا واستمرارية.
وفي هذا السياق، يستغل العديد من المغاربة بجهات الصحراء الثلاث هذه الفترة للانعزال والتفرغ للعبادة والدعاء، يقضون الليالي في صلاة التراويح وقراءة القرآن، مع التفكير العميق في معاني الحياة والتعبد، وتشكل ليالي القدر التي تسقط في العشر الأواخر من رمضان، ذروة هذه الفترة المباركة، حيث يتسابق المؤمنون لتحقيق الخيرات والبركات من الله.
تعتبر الصحراء بمناخها الخاص وبعددها البعيد عن ضجيج الحياة اليومية، مكانًا مثاليًا للتأمل والانغماس في عبادة الله، وفي هذا السياق، يتمتع أهل الصحراء بفرصة لاستعادة التوازن الروحي والنفسي، وتجديد العهد مع الله في أجواء تسودها السكينة والهدوء.
ومن الجدير بالذكر أن هذه العادات والتقاليد تعود لقرون عديدة في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، حيث كانت الصحراء تعتبر ملاذًا للتفكير والانغماس الروحي، وعلى الرغم من التطورات التكنولوجية الحديثة، إلا أن الناس لا يزالون يبحثون عن هذه الفترة المميزة في بيئة تمتاز بالهدوء والتأمل، ليستعيدوا هاته الأجواء الروحانية والإيمانية، ويقووا علاقتهم بالله.
وبهذا، تبقى العشر الأواخر من رمضان في الصحراء مناسبة فريدة وعميقة، تمزج بين الجمال الطبيعي والروحانية العميقة، مما يجعلها فترة لا تُنسى لكل من يسعى للتقرب إلى الله وتجديد عهده معه، سيما أن رمضان عموما شهر للعبادة والتعبد والتفكر في ملكوت الله ونعمه التي لا تحصى.